للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس في النهار فَقَلَّ من ينتبه لهذا الكسوف، إذا خسفت القمر أو خسف القمر كما هو نص القرآن الكريم في الليل، فأكثر الناس نائمون، فلو كان الدِّين بالرأي وبالعقل، لكان هنا وقت تشريع ما تقتضيه المصلحة المرسلة؛ لإيقاظ الناس من نومهم لصلاة الخسوف، وتنبيه الناس من غفلتهم في النهار لِيَتَوجَّهوا إلى المسجد ويصلون صلاة الكسوف أو الخسوف، مع ذلك حتى اليوم لا أحد والحمد لله من علماء المسلمين يرى شرعية الأذان لهذه الصلوات، ما هو السبب؟

السبب هو ما ذكرتُه آنفاً: كان المقتضي لتشريع مثل هذه الوسيلة ألا وهي وسيلة الأذان قائماً في عهده عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك فما سَنّ ذلك في المسلمين.

فتسنينا حينئذٍ هو ابتداع في الدين، هذا القسم الأول من المصلحة المرسلة أنه لا يُشرع الأخذ بهذه المصلحة، ما دام أن المقتضي للأخذ بما يُحَقّقها كان قائماً في عهده عليه الصلاة والسلام.

أما إذا لم يكن المقتضي قائماً في عهده - صلى الله عليه وسلم -، فهنا قد يتبادر إلى الذهن أن الأخذ بها مصلحة مشروعة، وليس الأمر أيضاً على هذا الإطلاق، بل على التفصيل التالي: هذا السبب أو كانت هذه الوسيلة التي إذا أخذ بها في زمن ما وحققت مصلحة للأمة، كان الموجب للأخذ بها هو تقصير المسلمين في القيام بشريعة الله ولو في بعض جوانبها، فحينئذٍ يكون الأخذ بهذه الوسيلة أيضاً كالوسيلة الأولى بدعة ضلالة، فلم يبق إلا القسم الثاني وهو الثالث، وهو ألاَّ يكون الدافع على الأخذ بهذه الوسيلة هو تقصير المسلمين، فحينذاك يُشْرَع الأخذ في هذه الوسيلة، ما دام أنها تُحَقِّق مصلحة شرعية.

تذكَّرت شيئاً أُنسيته {وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} قلت في تضاعيف كلامي: إنني سأضرب للحالة الأولى مثلين اثنين، مثل قديم عالجه العلماء وهو الأذان لصلاة العيدين، ومثل حالي، فأُنسيت أن أذكر المثل الحالي وهو عملي في زماننا اليوم، حيث تعلمون أن أكثر المساجد مُدَّت فيها خطوط بدعوى تسوية

<<  <  ج: ص:  >  >>