الصفوف، هذا الخط مثال أيضاً واقعي للوسيلة التي تُحَقِّق مصلحة، فهل هذه من القسم الأول أم الثاني أم الثالث؟
أنا أقول: وضع الخط في المساجد العامة، هو كالأذان لصلاة العيدين وصلاة الاستسقاء والكسوف والخسوف، لا يُشرع، والسبب أنه مد الخط أمر مُيَسّر ولا يتخصص بهذا الزمن، لأنه ليس كاستعمال السيارة والطيّارة مما أخذ من جهود العلماء سنين طويلة حتى وصلوا إليها، فلا يجوز مد الخط في المسجد لهذا السبب: أولاً: أن الرسول ما شرعه وكان ميسراً له تسنينه، ثانياً: أن الاعتماد على الخطوط والخيوط الممدودة في المساجد، سواء كانت خطاً من خيط أو خطاً منسوجاً في البساط، فهو على كل حال خط، لو كان هذا مشروعاً لأخذ بالوسيلة البدهية وهو مد الخيوط كما يفعلون في أكثر المساجد، فهذا لا يُشرع لما ذكرته آنفاً في الأذان لهذه الصلوات، ولكن هناك شيء آخر ومهم جداً، وهو أن تمرين الناس وتعويدهم على أن يسووا الصفوف على الخط معنى ذلك أنهم إذا صلوا في مكان ليس فيه خط اضطربت صفوفهم ولن تستوي.
ونحن نعلم يقيناً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يهتم كثيراً وكثيراً جداً في الأمر بتسوية الصفوف، ويبني على تنفيذ مثل هذا الأمر صلاح قلوب الأمة، وهذا أمر عظيم جداً، حيث كان عليه الصلاة والسلام مما يقوله حينما يأمرهم بتسوية الصفوف:«لتُسوون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم» ولا شك أن أولئك المأمورين من أصحاب النبي الكريم، كانوا يتجاوبون مع الأمر الصادر منه عليه الصلاة والسلام ويُسَوّون صفوفهم، فكيف كانوا يسوون صفوفهم .. على الخط، على الخيط؟ لا، كانوا يُسَوّون صفوفهم على خط وَهْمي، هم يحققونه ويجعلونه حقيقة واقعة، فيستوي صفهم وكما لو كان على الخيط، إن سمعتم بهذا التعبير، تسمعون يا أستاذ بهذا التعبير أم ما كنت معنا؟