والشرط الثاني: أن يكون خالصاً لوجه الله تبارك وتعالى، فهذه النصوص عامة تشمل كل عبادة.
أما بالنسبة للقرآن فهناك نصوص خاصة، من أشهرها وأصحها قوله عليه الصلاة والسلام:«تعاهدوا هذا القرآن، وتغنّوا به، قبل أن يأتي أقوام يتعجلونه ولا يتأجلونه»، يتعجلونه: أي: يطلبون أجره للعاجل، ولا يتأجلونه أي: لا يطلبون الآجل في الآخرة.
فلهذا كُلّه لا يجوز لمسلم أن يبتغي من وراء عبادة يقوم بها أجراً إلا من الله تبارك وتعالى، وعلى هذا فليست القضية متعلقة بتلاوة قرآن فقط، وبصورة خاصة على الحالة التي وصل إليها بعض القراء اليوم، حيث صدق فيهم نبأ الرسول الكريم المذكور آنفاً:«قبل أن يأتي أقوام يتعجلونه ولا يتأجلونه»، فالمسألة أعم وأوسع من ذلك بكثير.
فلا فرق بين من يتلوا القرآن للتلاوة فقط ويأخذ أجراً، وبين من يعلم القرآن ويأخذ عليه أجراً، وبين من يفسر القرآن ويأخذ عليه أجراً، وبين من يعلم الحديث ويأخذ عليه أجراً، وبين من يؤم ويؤذن و .. و .. ويخدم المسجد، كل هذه عبادات لا يجوز لأي مسلم أن يبتغي من وراء ذلك أجراً إلا من عند الله تبارك وتعالى.
إذا عُرِفت هذه الحقيقة، وهي حقيقة لا ينبغي أقول وكدت أن أقول: لا خلاف فيها، كدت أن أقول: لا خلاف فيها، ثم لم أقل؛ لأنني تذكرت خلافاً في جزئية واحدة، ألا وهي القرآن الكريم، فإن بعض المذاهب المتبعة اليوم، تقول: يجوز أخذ الأجر على القرآن، ولهم في ذلك حجة صحيحة رواية وليست صحيحة دراية؛ أما أنها صحيحة رواية فلأنها في صحيح البخاري، أما أنها ليست صحيحة دراية أي: لا يصح الاستدلال بهذه الرواية مع صحتها في .. الاحتجاج على ما يناقض تلك الأدلة القاطعة بخاصة وبعامة، أنه لا يجوز أخذ الأجر على أيِّ عبادة وبخاصة منها القرآن الكريم؛ ذلك الحديث هو قوله عليه الصلاة والسلام:«إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» هذا الحديث في صحيح البخاري كما ذكرنا.