للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العامة: «إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله»، فسواء كان الأجر مقابل التلاوة أو كان مقابل تعليم القرآن أو تفسير القرآن وهكذا، فالحديث عام، ولكننا إذا ربطناه بسبب الورود تخصص هذا العموم بالوارد، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء، وبخاصة منهم علماء الحنفية، حينما فسروا هذا الحديث: «أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» في الرُّقية، فأضافوا هذه الجملة في الرقية أخذاً لها منهم من سبب ورود الحديث.

وهذا الأخذ لابد منه؛ لكيلا يصطدم التفسير إذا كان من النوع الأول بقواعد إسلامية عامة ذكرناها آنفاً من بعض الآيات وبعض الأحاديث، وهذا من القواعد الأصولية الفقهية، أنه إذا جاء نص سواء كان قرآناً أو كان سنة، فلا يجوز أن يؤخذ على عمومه إلا منظوراً إليه في حدود النصوص الأخرى التي قد تُقَيِّد دلالته فَتُخَصِّصه، هذه كقاعدة لا خلاف فيها عند علماء الفقه والحديث، بل علماء المسلمين جميعاً.

وإنما الخلاف ينشأ من سببين اثنين: إما ألاَّ يرد الحديث مطلقاً إلى بعضهم، أو أن يرد إليه مطلقاً، دون السبب الذي يوضح معناه كما نحن في هذا الحديث بالذات.

ولعله يحسن أن نضرب مثلاً آخر؛ لأن له علاقة بكثير مما يُثار اليوم ويجري النقاش حوله، ويستدل عليه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، دون أن ينقص من أجورهم شيء» .. إلى آخر الحديث.

فإن جماهير العلماء اليوم وقبل اليوم ببضع قرون، يُفَسِّرون هذا الحديث تفسيراً على خلاف ما يدل عليه سبب وروده، فيقولون معنى الحديث: «من سن في الإسلام سنة حسنة» أي: من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، وعلى ذلك يضطرون أن يخصصوا عموم قوله عليه السلام في الحديث السابق ذكره: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».

<<  <  ج: ص:  >  >>