للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر علماء التفسير في هذه الآية، بأن العمل الصالح يُشترط فيه شرطان، أخذاً من هذه الآية الكريمة {فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠].

الشرط الأول: أن يكون عمله على وفق السنة، فإذا كان مخالفاً لم يكن مقبولاً، ولو كان صاحبه مخلصاً فيه لله عز وجل، ومن الأدلة على ذلك: قوله عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».

والشرط الثاني، وهذا هو بيت القصيد من هذا البحث: أن يكون مخلصاً في هذا العمل الذي وافق السنة.

فالإخلاص شرط في كل عبادة؛ حتى تكون مقبولةً عند الله عز وجل، والشرط الآخر أن تكون هذه العبادة موافقة للسنة وليست مخالفة لها.

فإذا اختل أحد هذين الشرطين لم يكن العمل صالحاً.

إذا كان هذا أمراً معروفاً، فحينئذٍ يُعرف الجواب عن ذاك السؤال، أنه لا يجوز أخذ الأُجْرة مطلقاً على أيِّ عمل يقوم به المسلم، ما دام هذا العمل عبادة يتقرب بها المسلم إلى الله عز وجل، أو بعبارة قد تكون أدق: يفترض أن يكون أن يتقرب بهذا العمل إلى الله تبارك وتعالى.

إذا كانت هذه القضية واضحة بَيِّنة في أذهان طلاب العلم، عُدْنَا إلى الجواب عن السؤال المطروح آنفاً باختصار: لا يجوز أخذ الأجر على تعليم القرآن، ولكن هنا شيء لا بد من لفت النظر إليه، ألا وهو: أن الأجر حينما يقال: أجر فهو حَقٌ يطلبه صاحب العمل من المعمول له والمقدم إليه، فبهذا المعنى لا يجوز أن يُؤْخذ أجر على تلاوة القرآن وتعليمه وسائر الأعمال التعبدية كما ذكرنا آنفاً.

إذا كان هذا كذلك، نقول: أما إذا قُدِّم مال ما من جهةٍ ما، سواءً كانت هذه الجهة حكومية أو من أيِّ فرد من أفراد الأمة، قُدِّم هذا المال راتباً أو هبة أو جعالة ولم يأخذه المعلم سواء كان كما قلنا آنفاً للقرآن أو للحديث أو نحو ذلك من العلوم،

<<  <  ج: ص:  >  >>