إذا أخذ ذلك ليس بمعنى الأجر أي أنه قام بعمل يستحق عليه شرعاً أجراً، وإنما أخذه بأنه قُدِّم إليه ممن قَدَّم هذا المال، فأخذه لا أجرة وإنما هبة .. جعالة .. راتباً .. ونحو ذلك من المعاني التي تُخالف معنى الأجر مقابل الشيء.
وفي اعتقادي أيضاً، أنه لا إشكال في هذا التفريق، فيما إذا رجعنا إلى مثل قوله عليه الصلاة والسلام:«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» إلى آخر الحديث المعروف.
فالعمل الواحد يختلف حكمه باختلاف النية، فالنية لها علاقة كبيرة جداً في تصحيح العمل أو في إفساده.
ومن الأمثلة التي يذكرها بعض العلماء في شرح حديث النية: أن رجلاً ما يأتي شهوة وهي له حلال بل ويكون مأجوراً عليها، وآخر يأتي نفس الشهوة يكون مأزوراً تجاهها، والعمل واحد وإنما اختلفت النتيجة باختلاف النية.
فمن أوضح الأمثلة في ذلك هو النكاح والزنا، ففي كُلٍّ من هذين الأمرين يأتي الشخص شهوته ولكن في النكاح يكون مأجوراً وفي الزنا يكون مأزوراً، والعمل هو هو، ويضربون على ذلك مثلاً: فرجل أتى خطأً غير زوجته، وهو يظنها زوجته فلا وزر عليه في ذلك، والعكس بالعكس تماماً، في رجل أتى جامع زوجته وهو يظنها غريبة عنه، إنما أتاها لقضاء شهوته بالحرام، وبعد أن فرغ منها تَبَيَّن له أنها زوجته، فهو آثم مع أنه جامع زوجته وقضى وطره منها؛ ذلك لأن الأول كانت نيته أن يأتي زوجته لكنه أخطأ في الواقع، فلم يُصِبه شيء من الوزر، والعكس في المثال الثاني تماماً.
وتفصيل هاتين الصورتين ليس من الصعب لكل سامع أن يعرف حقيقة ذلك.
إذا عرفنا هذه الحقيقة، وهو أن العمل الواحد يختلف باختلاف النية، حينئذٍ يكون معالجة المسألة التي طرحتها بإصلاح النية، فمن كان وُكِّل إليه أمر تعليم الدين ورُتِّب له راتب أو معاش، فتصحيح هذا العمل يكون بأن لا يأخذ ما يُقَدَّم