ولذلك فلا فرق بين ما يُسَمّى اليوم تأميناً، وبين ما يسمى نصيباً، وبين ما يسمى نصيباً خيرياً، وبين قوله تعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ}[المائدة: ٩٠]، فالميسر هو القمار.
فربنا عز وجل حينما حَرَّم الميسر وما أُلحق به من القمارات الحديثة، فذلك لأنه ليس قائماً على جُهْد وعلى تعبٍ يقوم به الإنسان الذي قد يتعرض للرِّبح وهو الغالب، وقد يتعرض للخسران وهو النادر بخلاف التأمين.
التأمين في الحقيقة، لو أنّ الإنسان تَجَرّد عن التأثُّر بما يسمع وما يحيط به من العادات هو شر قمار على وجه الأرض، شر مَيْسر على وجه الأرض لو كانوا يعلمون؛ ذلك لأن القِمَار أكبر مُقَامر مُعَرّض للخسارة، ولذلك تسمع عن مقامرين كبار بأنه ما بين عشية وضحاها خسر الملايين.
أما شركات التأمين فلا تخسر، ولو شركة واحدة خسرت لاضمحلت كل الشركات؛ ذلك لأنهم حينما يفرضون ضرائب مُعَّينة على المؤمنين لدى الشركة يكونون قد قاموا بحسابات دقيقة ودقيقة جداً، ويساعدهم في العصر الحاضر ويوفر عليهم كثيراً من الجهود التي كانوا يقومون بها سابقاً الجهاز المسمى اليوم بالكمبيوتر.
أي: شركة تأمين مثلاً على الحياة، لعلكم تعرفون جميعاً أنهم لا يؤمّنون حياة من بلغ مثلي من الكبر عتياً؛ لأنهم يعرفوا أن هذا على حافّة القبر، يعملون حسابات دقيقة، لكن بأنه أظن عندهم قاعدة ما دون الستين، لماذا هذا التحديد؛ لأنهم يعملون حسابات دقيقة ودقيقة جداً، أنه سيخسروا إذا كانوا سيقبلون أيضاً تأمين على حياة من جاوز الستين.
كذلك مثلاً من حساباتهم الدقيقة أنهم يعملوا حساب في كل بلدة، ما يمكن أن يقع من الحوادث في السيارات، وهذا ميسور جداً لديهم، ونفترض أنهم يعملوا
حسابًا أن ألف حادث مثلاً كل سنة، ويعملوا حسابًا أن كل سيارة كيف تكون إصابتها، هل هي إصابة بمعنى تَحَطَّمت جذرياً أو جانبياً .. إلى آخره.