مستحب فقط، وهو لم يسمح لمن كان في المسجد أن ينقل نفسه عن الإنصات للإمام ولو بكلمة: أنصت.
فكيف يأمر الداخل إلى المسجد بصلاة ركعتين؟ وفي ذلك انشغال بزمن أطول وأطول بكثير من قوله: لمن رآه يتكلم: أنصت.
فَدَلَّ هذا وذاك وذاك، كل هذه المُلْحَقات بالأمر على أن تحية المسجد ليست سُنَّة مستحبة إن فعلها أثيب، وإن تركها لم يُعاقب، لا، وإنما تحية المسجد هو واجب من الواجبات.
ولا أتورع أن أقول: فرض من الفرائض؛ لأننا ذكرنا مُقَدَّماً أنه لا فرق بين قولنا هذا فرض أو هذا واجب.
إذا كان الأمر كذلك: فهل يتنافى القول بوجوب تحية المسجد مع قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لذلك الأعرابي، أو لذاك الرجل: لا إلا أن تطوع؟
الجواب: لا تنافي؛ لأن المقصود بقوله -عليه السلام-: «إلا أن تطوع» مع الصلوات الخمس، كما هو الشأن بالنسبة للسنن الرواتب العشر ركعات، فكلما صلى المسلم فريضة من الفرائض، فَيُسَن في حقه أن يصلي ركعتين.
أما التحية فهي لا تلزم كل مصلٍ، يصلي صلاة من الصلوات الخمس؛ لأنه قد لا يصلي في المسجد، قد لا يدخل المسجد.
أي: إذا وُجِد السبب المقتضي للتحية صلاهما ولا بد، ألا وهو دخول المسجد.
كذلك لا ينافي قوله -عليه السلام-: «إلا أن تطوع» القول وهو الراجح عند العلماء، بوجوب صلاة العيدين؛ لأن هاتين الصلاتين ليستا من الصلوات الخمس، التي تَتَكرر بدخول كل يوم، وإنما هما صلاتان مرتان في السنة، صلاة عيد الفطر، وصلاة عيد الأضحى.
كذلك يقال: وعلى ذلك فقس، هل يُنَافي ما سبق من حديث الأعرابي، القول