فأصحاب الرسول عليه السلام كانوا في الجاهلية، كانوا في ضلال مبين، وهذا لا إشكال فيه، وكانوا يشربون الخمر.
ونعلم كلنا كم آية نزلت، وكيف تدرج الحكم الإلهي في حملهم على الإقلاع من شرب الخمر.
كان من وسائل الحمل وقطع العلاقة بين المسلمين الذين حرم الله عليهم شرب الخمر، أنه حَرَّم عليهم أيضاً، أقول وأعني ما أقول: حَرَّم عليهم أن يتلفظوا بكلمة تُذَكِّرهم بالعهد الجاهلي الذي كانوا فيه يُسمون العنب كرماً؛ لأن المدمنين للخمر إلى اليوم يعتقدون ببطء شديد، أن الذين يعاقرون الخمر ويشربونها يصبحون كراماً، يعني: يصير طبعهم طبع الكرماء، فقال عليه السلام:«لا يُسمين أحدكم العنب كرماً، فإنما الكَرْم قلب الرجل المؤمن، ولكن ليقل: الحبلة الحبلة، أو: حدائق الأعناب»، عرائش عريشة وعريسة عرائس معنى واحد.
نعود الآن: الإسلام يسمي ما يُسَمِّيه عامة الناس وكثير من المسلمين، حتى المرشدين منهم، وحتى الخطباء والوعاظ، انجرافاً منهم مع اللفظة التي هي ترجمة لعبارة أجنبية، يسمون الربا بالفائدة، فهذا لا يجوز لمن يعلم هذا المبدأ الإسلامي: أن الإسلام يهتم بتهذيب الألفاظ أيضاً، وليس بإصلاح العقيدة والأفكار فقط.
إذاً: لا يجوز أن نسمي الربا بالفائدة.
إذاً: ينبغي أن يُصَحِّح السؤال.
لكن في السؤال شيء آخر وهو: إن كان لا يوجد من هذا المودع لماله في البنك، وهو بنك كافر غير مسلم، على حد تعبير المسلم أي فائدة يأخذها أو يعطيها، فنحن نُسَلّم بالأولى ما دام أن السائل مسلم، أي: أنه لا يأخذ ربا - هذه الفائدة التي يسميها - لا يأخذ ربا.
لكنه مخطئ حينما يقول: لا يأخذ فائدة ولا يعطي فائدة كيف ذلك، وهو يودع ماله في البنك الذي كل بنك نعرف حقيقة تركيبه، إنما هو يقوم على أموال العملاء