للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحيننئذٍ تأتي جملة مشهورة في العصر الحاضر وهي: «الحاجة أُم الاختراع» فما دام الناس لا يزالون يُقْبِلون على التعامل مع البنوك، بحجة أن هي فيها شيء وهي ما فيها شيء وهي فيها شيء فيه ضرورة وما هي ضرورة، لا ينظرون إلى قول الفقهاء، صحيح «الضرورات تبيح المحظورات» لكن هذه القاعدة مُقيدة بقاعدة أخرى، وهي «الضرورة تُقَدَّر بقدرها».

فإذا سألت التُّجار ما هي الضرورة التي تضطركم إلى أن تُودعوا أموالكم بالألوف بل ربما الملايين في البنوك، بيقل لك التجارة.

طيب، التجارة ليست ضرورة تبيح للمسلم ارتكاب المُحَرّمات، كيف والإسلام يقول في صريح حديث الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث ما معناه «يا أيها الناس اتقو الله وأجملوا في الطلب، فإن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فإن ما عند الله لا يُنال بالحرام» فإن ما عند الله لا ينال بالحرام.

فأنت إذا أردت أن تُتَاجِر فعليك أن تتقي الله عز وجل، ولا تظنن استحلالك ما حَرَّم الله بزعم أن الضرورات تبيح المحظورات، ولا ضرورة هناك سواى توسعة الكرش وإملاء البطن بما حرم الله.

هذا ليس ضرورة أبداً، يستطيع الإنسان أن يعيش في هذه الحياة الدنيا أحسن عيش وأحسن حياة في حدود القناعة، وليس من الضروري أن يكون غنياً ثرياً كبيرا، وبخاصة بناءاً على المعاملات المُحَرّمة في الإسلام.

قلت مراراً وتكراراً وأرى لزاماً عليّ أن أُكَرِّر ذلك على مسامع الناس، ولو كان فيهم من قد سمع، فإن في الإعادة إفادة كما يقال، وقد يكون هناك من لم يسمع.

فأنا أقول: إن المسلمين اليوم بعامة -وهذا لا يعني أن هناك خاصة لا يدخلون في هذا العموم- نسوا قول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} إني أقول نسوا أعني الآية القرآنية وهو قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>