للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}.

فأنا قلت: إن المسلمين اليوم نسوا هذه الآية الكريمة: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} فيقول: قائل لا، يا أخي ما نسوا بدليل: قَلَّما تدخل بيتاً إلا وتجد لافته بخط جميل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}.

أقول له: رويدك أنا ما أعني النسيان الفكري العلمي، وإنما أعني النسيان العملي المذكور في الآية السابقة: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} نسيان ذهني؟ لا, نسيان عملي.

فنحن اليوم مع الأسف الشديد، تنطبق هذه الآية على الكثير مئات الملايين من المسلمين ينطبق هذا الوعيد الشديد: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} وأيُّ ضَنَك أشد من أن تُسْتَحل أطراف من بلاد الإسلام من الكفار أصالةً أو الكفار انتماء إلى أخره، ونعيش في ظل هؤلاء الحُكَّام الذي بعضهم كفار أصليين وبعضهم كفار طارئيين ونحو ذلك.

هذه المعيشة الضنك، أنك لا تستطيع أن تنتقل من بلد إسلامي إلى بلد آخر، كما هو الواجب أن تطوف في بلاد الإسلام وتعيد رحلة ابن بطوطة أو ابن جبير ونحو ذلك، يتعجب الإنسان كيف استطاع هذا الرَّحالة وقتذاك أن يطوف هذه البلاد، دليل أن ما كان فيه هذه التعقيدات التي أُصيب بها المسلمون اليوم، بل لا تستطيع أن تتجاوزها مقدار مئة كيلومتر مائتي كيلومتر إلا - بإيه - ساعات حتى يؤذن لك ويسمح لك هذا من الحياة من المعيشة الضنكا: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} إلى أخر الآية فالآية السابقة معروفة: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} لكنها مهجورة متروكة لا يُعْمَل بها، لا أحد من التجار إلا من شاء الله وقليل ما هم يخطر في بالهم: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>