أن يحضر في البلدة التي فيها الغني؛ ليفيه المائة دينار، فماذا فعل؟ لقد فعل أمراً عجباً، أنا أول من يستنكره تمسكاً بالمبادئ الكونية الطبيعية المعهودة عند الناس، أما الإنسان حينما يلجأ إلى الله عز وجل ويتوكل عليه فهنا تأتي العجائب، كما جاء في حديث وهو قوله عليه السلام:«حَدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج».
فقد كانت فيهم أعاجيب، من هذه الأعاجيب هذه القصة، هذا الرجل لما شعر أنه لا يستطيع أن يحضر في اليوم الموعود لدفع النقود، ماذا فعل؟ أخذ خشبه وحفرها ودَكّ فيها مائة دينار لاحِظْ، وحشاها حشواً جيداً.
ثم جاء إلى ساحل البحر، فقال: يا ربي أنت كنت الكفيل وأنت كنت الشهيد، ورمى الخشبة في هذا البحر، شُغْل دروشة شغل جنون، والجنون فنون، لكن إنما الأعمال بالخواتيم شوف شو صار بالرجل، ربنا عز وجل الذي يعلم ما في الصدور، ويعلم إخلاص هذا الإنسان في محاولته الوفاء في اليوم الموعود، وقد فاته بينه وبين البلد ما شاء الله من المسافات فتوكل على الله حق توكله ثم أتى بسببٍ باستطاعته هذا السبب، ما عنده دليل مسجل كما هو اليوم موجود أو بريد سريع أيضاً إلى آخره.
فَدَكّ الخشبة ودَكَّ فيها هذه الدراهم وهذه النقود ورماها في البحر متوكلاً على الله، أنت كنت الكفيل وأنت كنت الشهيد، يعني: يا ربي هذه شغلتك ما هي شغلتي، أنا هذا ما بيطلع بيدي.
ربنا عز وجل بقدرته التي لا حدود لها، أمر الأمواج أن تأخذ هذه الخشبة إلى البلدة التي فيها الدائن الغني، وخرج الدائن في اليوم الموعود ليتلقى صاحبه المدين، لكن عبثاً.
فالرجل ما زال في تلك البلدة التي كان يعمل فيها، ووقع بصره على خشبه بين يديه تتقاذفها الأمواج وتتلاعب بها يميناً ويساراً، فأُلهم أن يَمُدّ يده ليأخذها، وإذا هي ثقيلة؛ الأمر الذي جعله يحس بأن الخشبة هذه مش خشبة جامدة، أخذها إلى الدار وكسرها وإنهال منها إيش؟ المائة دينار ذهب تعجب الرجل.