ثم جاء المدين بعد الوعد، انظر الآن الإخلاص في الوفاء من جهة وعدم الاعتماد على ما فعله، أنتم تسمعوا يمكن أن الصوفية فيقولوا فلان أخذه الحال، أنا منكر هذا الشيء، لكن له معنى هذا الكلام.
لازم تعرفوا معي قضية أن الإنسان أحياناً يأخذه الحال هذا مش مستنكر أبداً؛ لأن الإنسان أحياناً ينفصل عن الوجود المادي بارتفاعه إلى الأعلى واتصاله بالملأ الأعلى.
هذا الرجل لما ألقى الخشبه وفيها المائة دينار، بلا شك هذا أخذه الحال، فنحن نقول بيقولوا الصوفية أخذه الحال، يعني هذا جنان بيذكر الله وأخذه الحال، لا، هذا أخذه الحال هنا أخذه شعوره؛ لأنه يجب عليه أنه لو كان له أجنحه ليطير إلى تلك البلد، من أجل ماذا أن ينقده النقود وفاءً بالوعد، لكن مش طالع بإيده إذا شو بيسوي هي لا جود إلا بالموجود، قال ما بيطلع بأيده دَكَّ هالنقود في الخشبة ورماها وإلى آخره.
لكن هالحال هذا اللي أخذه ما استمر معه بيرجع إلى الوضع الطبيعي، والوضع الطبيعي يُعَبّر عنه لما جاء عند صاحبه تجاهل كل شيء فعله، وأخرج من جيبه نقده مائة ألف دينار.
لو كان بِدّه يعتمد على ذاك الفعل، كان بيقول له أنا بعثت لك بالبريد الإلهي مائة دينار فهل وصلك، شو بيعرفه هي قضية خارجة عن تَوَقُّع الإنسان.
لذلك تجاهل الموضوع نقده مائة دينار، هذا بلا شك منتهى الوفاء والإخلاص، والعمل بالوسائل المادية والوسائل إذا صح تسميتها الروحية أو الإلهية، جمع بين الأمرين ورجع إلى النظام المعتاد فنقده مائة دينار.
انظروا الآن موقف الدائن ليُذَكِّرنا بالمثل السائد:«إن الطيور على أشكالها تقع» لو واحد من الأغنياء اليوم جاء بالبريد الإلهي اللي لا مثيل له، مائة دينار يحطهم بجيبته او بخزانته ولما بيجي المدين بيدفع له، بيقول جزاك الله خيرًا؛ لأنه هذا المدين ما بيقدر يُقيم الحجة عليه أني بعثت لك مائة دينار كما نفعل نحن اليوم بطاقة