الشيخ: على صاحب المال، وحلال لغيره، فنقول: ما بُنِي على فاسد فهو فاسد؛ لأن القول بهذا الرأي الهزيل، يعني أنه يجوز للمسلم أن يودع ماله في البنك، وبالتالي أن يأخذ الربا ويطعمه غيره.
وحينئذٍ انصبَّت اللعنة عليه من الناحيتين، من الناحية الأولى: أنه أطعم البنك، ومن الناحية الأخرى: استفاد الربا وأطعمها غيره.
فهو إذا صح التعبير ألعن مما لو أكله بنفسه؛ لأن الحديث حينذاك يَنْصَبّ على الآكل والموكل، الموكل لمن؟ للبنك أو أهل البنك.
أما هنا فصار الإيكال إذا صح التعبير له شعبتان وله جانبان، فلذلك فالواقع الذي نشعر به -مع الأسف- في كثير من الفتاوى التي تصدر في العصر الحاضر، إنما هي فتاوى إما أن تكون صادرة بحسن نية، ولكنها صدرت ممن ليس من أهل العلم، من أولئك الذين أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمثالهم حينما قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص من رواية الشيخين البخاري ومسلم رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً من صدور العلماء، وإنما يَقْبِض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جُهَّالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا» هذا إذا كان بحسن قصد.
ولكن من الممكن أن يكون هناك أناس يُفْتُون بقصد التضليل، وإخراج المسلمين عن الصراط المستقيم الذي خطه لهم نبينا - صلى الله عليه وسلم -، بما جاء من البيان والشرح لنصوص الكتاب والسنة.
فالآية التي أشرنا إليها آنفاً كقاعدة من قواعد التعاون مع الآخرين، وهي قول الله عز وجل:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢] يدل على أن هذا الذي أفتى بهذه الفتوى لا يعبأ بالأحاديث التي تفصّل مثل هذه الآية وتفرّع عنها فروعاً، المسلمون أحوج ما يكونون إليها في كل زمان وفي كل مكان، وبخاصة في زمان الغربة الذي نحن نعيشه في هذه الأيام.