فلذلك: فالقول بإباحة الربا لغير صاحب المال كما جاء في السؤال، هذا يتنافى مع الأصول والفروع معاً.
الذي نراه -والعلم عند الله تبارك وتعالى- هو أن الذي ابتُلي بأن يتعامل مع بعض البنوك، ثم تاب إلى الله عز وجل وأناب.
ففي هذه الحالة هو بين أمرين اثنين: إما أن يدع الربا لأهل الربا لأصحاب البنك، وإما أن يأخذه دون أن ينتفع هو به، ثم دون أن ينتفع به شخص بعينه.
هنا يبدأ الجواب الفقهي، خلافاً لذلك القول بناء على ما بيَّنا من أدلة، ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كما في حديث مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال:{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}[المؤمنون: ٥١]
لذلك فهذا الذي رابى ثم تاب إلى الله تبارك وتعالى، وأُعطي له مع رأس ماله الربا، فلا يجوز له أن يستفيد من الربا؛ لصريح قوله تبارك وتعالى:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ}[البقرة: ٢٧٩].
فهذه الآية صريحة كل الصراحة؛ لأن المرابي إذا تاب إلى الله عز وجل، فإنما يحل له أن يسترجع رأس ماله دون ما ترتب عليه من رباً يسمونه فوائد {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ}[البقرة: ٢٧٩].
إذا كان الأمر كذلك، فقلنا: إما أن يستلم من البنك رأس المال ورباه، وإما أن يدع الربا للبنك، في كل من الأمرين محظور؛ لأنه إن تركه للبنك استفاد منه البنك، وإن أخذه هو معنى ذلك أنه أخذ ربا.
ولكن إذا قلنا بأنه لا يجوز أن يستفيد هو لذات نفسه بما سبق أن ذكرنا من الأدلة، يبقى الأمر: إما أن يفيد غيره بهذا المال، كما جاء بالنسبة لذلك المفتي، وإما