ما الفرق بين المرابي الذي في مثالنا الأول، امتنع رجل صالح لا يأخذ ربا، لكن الذين يأكلون ربا على صراحة نفس هذه المعاملة، إذا استقرضت منه ألف لشهر يأخذ منك مثلاً ربح بالمائة اثنين أو ثلاثة إلى آخره، لكل سنة الربح.
نحن نسأل الآن: البنك الإسلامي لماذا يضاعف الربح كلما تأخر في الوفاء، أليست هذه المعاملة هي نفس المعاملة الربوية الصريحة.
لكن كل ما في الأمر هنا: أنه دخل صورة بيع، لو ذهب واحد منا إلى البنك وقال له: أعطني ألف دينار قرضًا حسنًا أريد أن أشتري طن حديد، لن يعطيه.
مداخلة: سيعطيه لكن محدود.
الشيخ: لا، لا، ما لنا في محدود، نريد المعاملات التي تجري بما يسمونه المرابحة، لو أتى وقال له: أعطنا بدل أن تُدخل وسيطًا بيني وبين التاجر، أعطيني أنا هذه الألف واستلم الحديد أو أيّ بضاعة، سيقول له: لا، أنا أُريد أن أَربح.
فحينئذٍ يقول له: تُريد أن تربح اشتغل بالتجارة، ليس أن تعمل بتغيير صورة الربا كما فعل المُحَلِّل لما حرم الله عز وجل من النكاح، أنا قلت: أنه سأذكر مثالين أحدهما معروف وصدق ظني.
المثال الثاني: سَيُقَرِّب لك الموضوع أكثر وهو: هناك حديث في الصحيح، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله اليهود حُرمت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله عز وجل إذا حَرَّم أكل شيء حرم ثمنه» ما معنى الحديث؟ الحديث أولاً: يشير إلى نص في القرآن الكريم، وهو قوله عز وجل:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ}[النساء: ١٦٠] حرم الله على اليهود طيبات كانت أُحلت لهم، ما هي هذه الطيبات التي حُرِّمت عليهم؛ بسبب ظلمهم؟ الشحوم.
فالله عز وجل عندما أباح لهم الذبائح، وكانوا يأكلونها شحماً ولحماً، فبظلهم ربنا عز وجل عاقبهم، وحرّم عليهم الشحم وأبقى لهم اللحم الأحمر على الأصل.