اليهود ما صبروا على هذا الحكم الجديد، ماذا فعلوا؟ احتالوا، أخذوا الشحم ووضعوه في القدور، وأوقدوا النار من تحتها فأخذ شكلاً جديداً، أما هو طعمه ودهنه وكيماويته لا تزال كما هي على خلق الله عز وجل.
كل ما في الأمر أنه تَغَيَّر الشكل، فبسبب تغيير هذا الشكل استحلوا بيعه وأكل ثمنه، ورسولنا عليه السلام قال:«وإن الله إذا حرّم أكل شيء حرَّم ثمنه».
لذلك فالإسلام من عظمته في تشريعه أنه لا ينظر إلى الشكل، وإنما ينظر إلى المضمون.
فإذا كان الله عز وجل حَرَّم الربا؛ لأن فيه استغلال حاجة المحتاج، فسواء كان هذا الاستغلال مباشرةً بواسطة القرض والوفاء، أو بواسطة إدخال صورة بيع.
وأقول: صورة بيع؛ لأن الحقيقة ما هي صورة بيع؛ لأن البنك ليس تاجر، وسأرجع الآن إلى مسألة أخرى لها صلة وُثْقَى بما نحن في صدده الآن:
لنعلم أن البنك الإسلامي في كل بلاد الدنيا اليوم ماذا فعلوا؟ حلوا محل التاجر أو محل الشركة.
الشركة تبيع بثمنين: كاش وتقسيط، هذا البيع يجب أن نفهمه، هل هو مشروع أم ليس بمشروع؟
فإذا تَبَيّن لنا بالنظر إلى النصوص الشرعية أن هذا البيع بيع التقسيط مقابل الزيادة غير مشروع، فنعرف أن عمل البنك هذا غير مشروع من باب أولى.
إذا أراد رجل أن يشتري مثلاً سيارة، سيذهب إلى الشركة سيفاصل ويساوم على ثمنها، سيسمع سعرين: سعر الكاش مثلاً عشرة آلاف، وبالتقسيط بإحدى عشر ألف أو نحو ذلك.
فماذا جاء عن الرسول عليه السلام في هذا النوع من البيع؟ جاء هناك حديثان، بل أكثر من حديثين، أحدهما: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة» وفي لفظ: «عن صفقتين في صفقة» قيل