للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: واضح جداً أن السائس عندما يضع مثلما قال صاحبنا الشوافات، طبعاً هذا من باب تسمية الصحراء بالمفازة؛ لأن الشوافات بيتشوف الطريق، بينما هي تضيق عليه المرأى، ونحن هنا شاهدنا.

مضى على المسلمين قرونًا، وقد وُضِعَت الشوافات أمام عيونهم، بحيث لا يرون إلا بصيصاً من نور.

أما النور الساطع الذي جاء به الإسلام، فقد حَجَرُوه ومنعوه، ليس عن عامة المسلمين، بل وعن خاصتهم، أي: علمائهم، حينما فرضوا عليهم شيئاً سَمُّوه بسد باب الاجتهاد.

طبعاً هذه مقدمة، وبيت القصيد هذه الكلمة: سد باب الاجتهاد.

ومعنى سد باب الاجتهاد، أن الأئمة الأربعة جزاهم الله خيراً بَيَّنوا الأحكام الشرعية، فعلى الناس أن يقلدوهم ويستسلموا لآرائهم، ولا يُشْغلوا بهذا النور الذي أعطاهم ربنا لهم بالمقدار الذي أعطاهم إياه كلاً على حسبه.

لا، حدّدوا له، أنت لا بد أن تكون حنفي، وهذا شافعي، وهذا مالكي، وهذا حنبلي، ولا تميل يمينًا أو يسارًا فتضل وتشقى.

عشرة قرون مضت على المسلمين وهم هكذا محصورون، هذا الحصر كحصر الدابة في هذا الطريق الذي يفرضه عليها السائس.

لما سدوا على أنفسهم باب الاجتهاد، معناها أنهم سَدُّوا على أنفسهم الفهم عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

هناك علمان يعرفان باسم: «أصول علم الفقه» و «أصول علم الحديث».

الغرض من هذين العلمين، أن يَتَمَكَّن العالم من معرفة القواعد العلمية المتعلقة بالحديث من جهة، والقواعد العلمية المتعلقة بالفقه من جهة أخرى؛ حتى إذا مَرَّت به آية أو حديث استطاع أن يفهم ما دلالتها، ما أحكامها التي تنطوي تحتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>