ذنبه وما تأخر، كأنهم يقولون: أنه لم يبق هناك دافع للرسول عليه السلام أن يتعبد كثير.
جاؤوا بشيء آخر .. وهو تعليليهم لهذه العبادة القليلة، حيث قالوا:«هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» يعني: لماذا يتعب نفسه ... ؟ لماذا يتعب نفسه يقوم الليل كله ويصوم الدهر كله؟ ..
فعادوا إلى أنفسهم قالوا: نحن ما حصلنا المغفرة من الله؛ لذلك يجب علينا أن نجتهد حتى ربنا يغفر لنا، فقال أحدهم:«أما أنا فأقوم الليل كله ولا أنام، وقال الثاني: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الثالث: أما أنا فلا أتزوج النساء، ثم جاء الرسول عليه الصلاة والسلام وأخبر الخبر. .. فخطب الناس في المسجد، قال: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا حكى ما قالوا، أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله .. أما إني أصوم وأفطر، وأقوم الليل وأنام، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني».
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يجب أن يكون عقيدة راسخة في قلب كل مسلم يؤمن حقاً بالله ورسوله أن يعتقد أنه ما ترك لأحد أن يستدرك عليه شيئاً ولو من باب سد الذريعة فيما كان معروفاً في زمانه، وهذه الكلمة: فيما كان معروفاً في زمانه قيد ضروري جداً ..
قد جاء في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«ما من نبي بعثه الله تبارك وتعالى إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم» لا شك .. عقيدة المسلم أن الرسول ما كتم شيئاً ولا وكل أمر البيان لغيره كيف ونحن نقرأ في القرآن:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣] إلى آخر الآية، ونقرأ .. الحديث التالي:«ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه» إذا كان هذا عقيدة كل مسلم فيجب أن لا يتغافل عن ذلك حينما يأتيه حكم الله وحكم رسوله، ولا يكون موقفه موقف الرهط فيأتي الرسول ويرد عليه بقوله:«فمن رغب عن سنتي فليس مني».
فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال في حق المرأة المحرمة:«لا تنتقب المرأة المحرمة لا تلبس القفازين» فليس للمسلم أن يقول: هذا يصير عليه فتنة كيف الرجل والنساء