فأنا لست أمنع فقط هذه الحادثة التي لما سألتني عنها ظننتها خيالاً، وإذا بها حقيقة، لست أنكر هذا فقط أنه لا يجوز شرعاً.
بل أنا أقول: لا يجوز للمسلم المتحمس اليوم في تطبيق الحديث السابق، أن يقول للسافرات المتبرجات: لعنة الله عليكن؛ لأن هذه اللعنة على الرغم من أنه ظاهر الحديث سيترتب من وراء القيام بها وتوجيهها إلى هؤلاء المتبرجات مفسدة كبرى، قد أشرت أنت آنفاً إلى شيء منها، فحينئذٍ نرى استعمال المرتبة الثالثة من مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي جاءت في الحديث الصحيح في مسلم:«من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
ولاشك أن هذه المسألة تختلف من بلد إلى بلد، ومن زمان إلى زمان، لكن أنا أقول الآن بالنسبة إلى سوريا والأردن، ربما بلاد أخرى، من الخطأ توجيه هذه اللعنة صراحة إلى المتبرجات؛ لأن الدولة لهن اليوم، الدولة والصولة لهن اليوم، والرجال الذين هم أزواج هذه النساء هم معهن في ذلك، ولذلك فسيترتب فتنة ما بعدها فتنة، فيما نحن إذا طبقنا النص النبوي، فكيف بنا إذا تجاوزناه إلى الرجم، فلا يجوز، وهذا أمر واضح إن شاء الله.
مداخلة: طيب، على هذا هل يجوز اللعنة سراً، يعني: أقول في نفسي هل هذا جائز؟
الشيخ: نعم يجوز.
مداخلة: طبعاً هذا لا يتعارض مع نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لعن الدواب والآدميين لعن المعين؟
الشيخ: سؤالك خطأ، لأنك وضعت قيد السرية.
مداخلة: لا أنا أقول في نفسي: لعنة الله عليك بيني وبين نفسي.