للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: يعني: فيه فرق بين في نفسك وفي لفظك؟

مداخلة: لا، في لفظي.

الشيخ: اللفظ هو المهم ليس في النفس، ما دام جاء الحديث هذا لا ينافي ذاك؛ لأن المقصود من الأحاديث أن المؤمن لا يكون لعاناً أي: لا يجعل ذلك ديدنه وهجيراه.

أما هذا لا ينافي أن يلعن من يستحق اللعن شرعاً، ولذلك جاء في «سنن أبي داود» و «الأدب المفرد للبخاري» وغيرهما من حديث أبي هريرة وغيره أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! جاري ظلمني، قال: اجعل متاعك على قارعة الطريق، فأخذ الناس يمرون به ما لك يا فلان! جاري ظلمني، جاري ظلمني، قاتله لعنه الله، قاتله الله لعنه الله، والجار يسمع، وهذه سياسة حكيمة من سيد الحكماء عليه الصلاة والسلام، جاء الظالم لجاره يركض إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقول: يا رسول الله! مر جاري فليعد متاعه إلى داره، فقد لعنني الناس، فقال عليه الصلاة والسلام: «لقد لعنك من في السماء قبل أن يلعنك من في الأرض».

فإذاً: الرأي السائد عند جماهير العلماء، أنه لا يجوز لعن مسلم بعينه، هذا ليس على إطلاقه، وهذا أقل ما يقال بوجود مثل هذه الأحاديث، التي تصرح بأنه في بعض الأحيان يجوز لعن مسلم مسرف ظالم لنفسه؛ لمصلحة شخصه، فهذا من ذاك، ولذلك اللعن إن كان مما سمح به الشارع، فيستثنى من كون المؤمن ليس بلعان ولا طعان، هذا جوابي.

مداخلة: معنى اللعن في هذه الحالة هو الطرد من الرحمة؟

الشيخ: ما فيه غير هذا! هو دعاء، وقد يستجاب الدعاء وقد لا يستجاب، كما نقول نحن: رحم الله فلان، هل هذا خبر؟ هو دعاء، تُرى هذا الدعاء قُبِلَ ورُفعَ؟ الله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>