للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الزنا وهذا والحمد لله كثير، لكن لن يستطيع بشر إطلاقاً من بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يزعم وأن يقول: أنا ما نظرت نظرة محرمة منذ بلغت سن التكليف، فضلاً عن أن يقول: ما استمعت إلى كلمة جميلة من امرأة حَرّكت لي نفسي، فهذا الإنسان الذي وضع عنده سكرتيرة، لاشك أن يقع في مثل هذه المقدمات المحرمة في نص الحديث الصحيح، وأنا أقول هذا بغض النظر عما طرح في السؤال، أنه قد يتعرض - وهذا فعلاً يقع - قد يتعرض ذلك الموظف أو ذلك المستأجر للسكرتيرة أن يخلو بها، وحينئذ يكون قد وقع في وسيلة أخرى من الوسائل التي سد النبي - صلى الله عليه وسلم - بابها بقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح، الذي رواه أبو عبد الله الحاكم في «المستدرك» وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما اختلى رجل بامرأة، إلا كان الشيطان ثالثهما».

وهذا معروف لديكم ما هو المقصود من قوله عليه الصلاة والسلام: «إلا كان الشيطان ثالثهما»، أي: إلا كان الشيطان حاضراً بقوته وبوسوسته، حتى يلقي في قلب كل من المختليين الرجل والمرأة، يؤلف بينهما ليجمعهما على المعصية، لهذا لا يجوز لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتخذ سكرتيرة، أو أن يرضى بأن يكون معه في وظيفته امرأة.

أنا فَرَّقت بين الأول والآخر، فرقت بين الطبيب مثلاً الحر، الذي هو يستأجر هذه السكرتيرة، وبين الموظف الذي فُرِضَ عليه الموظفة.

لا شك ولا ريب أنه ثمة فرق بين الأمرين، الأول: جلب الشر إلى نفسه بيده، الآخر: كل ذلك عليه، فهل هذا يبقى له عذر؟ الجواب: لا؛ لأن الله عز وجل نهانا عن أن نتطلب رزقنا من طرق محرمة، فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «يا أيها الناس! إن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فأجملوا في الطلب، فإن ما عند الله لا ينال بالحرام».

فحرام عليك أيها الموظف فضلاً عن أيها الطبيب أو أيها التاجر، حرام عليك أن يكون بجانبك امرأة ليست لك محرماً، وقال تبارك وتعالى آية في كثير من المجالس تزين بها الجدر: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا

<<  <  ج: ص:  >  >>