قد يقع في المستقبل، فنحن لا ينبغي لنا مثلًا أن نعرض أنفسنا للهلاك في موضع لا نجد فيه الخلاص من الهلاك، وعلى العكس من ذلك: إذا طرأ هذا الطارئ على الإنسان المكلف ففي هذه الحالة إذا اضطر أن يأكل ما حرم الله جاز، أما أن يتقصد الإنسان أن يدخل مجتمعًا يعلم بأنه يقع فيه فيما حرم الله فيبرر هذا الدخول بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات، هذه القاعدة ليس محلها هاهنا وإنما محلها فيما إذا وقع الإنسان بغير كسب منه ولا سعي منه في ضرورة فهناك محل الضرورات تبيح المحضورات على أن العلماء قيدوا هذه القاعدة كما ذكرت في جلسة سابقة بقاعدة أخرى حتى لا يصبح تطبيقها فوضى فقالوا: الضرورة تقدر بقدرها، فالإنسان اضطر لأكل الميتة فلا يجلس ويأكل منها كأنه يأكل لحمًا طازجًا حلالًا، وإنما يأكل بمقدار ما يدفع عنه خطر الهلاك.
ثانيًا: نحن نقول بأنه يجب أن يكون هناك طبيبات مسلمات، وهذا على الوجوب الكفائي وليس على الوجوب العيني، ولكن إذا كان تحقيق واجب كفائي يترتب منه أن يقع هذا الطالب لتحقيق هذا الفرض الكفائي .. إذا كان يعلم أنه سيقع في مخالفة شرعية فلا يجوز له أن يأتي هذا الفرض الذي هو فرض كفائي، ونحن نعلم هذا الحكم من أحكام أخرى يذكرها الفقهاء في بعض الفروع الفقهية مثلًا: تشييع الجنائز هو فرض كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، لكن الفقهاء يذكرون أن هذا الفرض الكفائي إذا اقترن معه مخالفات شرعية وبدع تخالف النصوص الحديثية فلا يجوز للمسلم أن يحضر ذلك التشييع؛ لأنه ليس بواجب عيني عليه حضوره، بل نجدهم يصرحون، وهذا ما كنت ذكرته بشيء من التفصيل في كتابي: آداب الزفاف في السنة المطهرة، يقولون: وإذا دعي المسلم إلى وليمة فعليه الإجابة إلا إذا كان يعلم أن ثمة منكرًا لا يستطيع تغييره فحينذاك يسقط عنه وجوب الإجابة.
فهذه كلها أمور معروفة من السنة ومن أقوال الفقهاء، فلا يجوز إذًا أن نقول نحن: بأنه يجوز لنا أن نعرض نسائنا وفتياتنا لما قد نراه من الفساد في الجامعات