للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وباختيار، كما قال تبارك وتعالى في القرآن: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص: ٦٨].

فإذا كانت زوجتك، إذا ابتُليت بزوجتك وهي مشعرانية، فهذا خلقك وإرادتك عن إرادة ربك وشأنه، إذاً: لا تستقبحها، لا تستقبح امرأة إن رأيتها ذات لحية، كما لا تستقبح رجلاً كوسجاً لا لحية له؛ لأن هذه خَلْق الله، وهذا خَلْق الله، لكن إن كنت مستقبحاً شيئاً ممن ترى وجهه لا لحية عليه له، تستقبحه إذا كان ذلك من فعله وكسبه، يعني: إذا كان هو يحلق لحيته، فاستقبحه؛ لأن هذا من فعله هو ومن صُنْعه، خلافاً من فعل الله وصنعه حيث خلقه بلا لحية، أما لو كان أجرد كوسجاً لا لحية له فلا تُعَيِّره؛ لأن هذا خلق الله، كذلك المرأة إذا رأيتها لها لحية، لا تُعَيِّرها هذا خلق الله.

بل أنا أقول: إن من تمام حكمة الله عز وجل أن يُرِي عباده امرأة لها لحية، ورجلاً لا لحية له، وذلك؛ لإقامة الحجة على الدّهري المُلحد من جهة، ولتذكير المسلم المؤمن من جهة أخرى: أن الله عز وجل يخلق ويختار، وليس مجهولاً كما يُعَبِّر عنه القائلون بالطبيعة تلك الطبيعة، فالله يريهم أن ليس هناك طبيعة، وإنما هناك خالق فعال لما يريد، فخلق رجالاً كنظام عام بلحية، والنساء بدون لحية، ثم يقول للرافضين: انتبهوا! لا تظنوا أن هذا كان طفرة، هذا كان بإرادة الله، بدليل: انظروا هذه امرأة بلحية، وهذا الرجل بدون لحية، فالذي خلق هذا بلحية، خلق هذا بدون لحية، والذي خلق تلك بدون لحية خلق هذه بلحية.

إذاً: لا يجوز تغيير خلق الله إلا بما جاء فيه ... من الله.

(الهدى والنور / ٢٤/ ٣١: .. : .. )

<<  <  ج: ص:  >  >>