ولذلك نقول حتى يكون الموضوع أو تكون المسألة واضحة في الأذهان: كل تغيير لخلق الله بغير إذن من الشرع فهو إطاعة للشيطان وتنفيذ وعيده ومعصية للرحمن، وتأكد هذا في الحديث الذي أشرت إليه ألا وهو ما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله النامصات والمتنمصات، والواشمات والمستوشمات، والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن» في رواية أخرى وهي قوله عليه الصلاة والسلام: «والواصلات والمستوصلات» يعني: النامصات والمتنمصات، والواشمات والمستوشمات، والواصلات والمستوصلات، والفالجات.
اللعن انصب في هذا الحديث على هذه الأنواع، في آخره جملة هامة جداً كأنها جواب بسؤال قد يرد في بعض الأذهان، فيقول البعض: لماذا هذا التشديد وهذا الوعيد في أمر سهل كالأخذ لبعض الشعر في الوجه أو في أي مكان من البدن لم يأذن به الله تبارك وتعالى؟ جاء الجواب في آخر الحديث:«المغيرات لخلق الله للحسن» فخرج بهذه الجملة التي يمكن أن نسميها بالجملة التعليلية خرج بها أن شيئاً من هذا التغيير لو وقع من المسلم أو المسلمة في بدنه هو للمعالجة وليس للتجمل والحسن فلا بأس عليهم في ذلك؛ لأنه لم يفعل ولم يرتكب هذا التغيير للحسن كما قال عليه الصلاة والسلام في آخر الحديث وإنما هو للتداوي وللمعالجة.
إذا عرفنا هذه الجملة عدنا إلى تفصيل القول إلى مفردات هذه الجمل:
أولها: النامصات، النمص في اللغة فيما علمت من كتب اللغة كالقاموس المحيط للفيروز آبادي وغيره هو النمص على وزن النتف وزناً ومعناً، النمص النتف هنا بمعنىً واحد، فإذا كان الأمر كذلك وضممنا إلى هذا المعنى العام لغة التعليل المذكور في آخر الحديث:«المغيرات لخلق الله للحسن» فحينئذٍ نعلم أن حصر معنى النتف في الحاجبين فقط فهو ينافي أولاً عموم معنى النمص كما ينافي عموم الجملة التعليلية في آخر الحديث: «المغيرات لخلق الله للحسن» فإذا المرأة مثلاً لم يكن في حاجبيها غلظ فلم تحتج إلى نتفهما أو نتف بعض جوانبهما وإنما رأت