للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وجوابي عليه من وجوه:

الأول: أنه لم يذكر نصا تاريخيا يؤيد تأخر المبيح عن الحاظر يرجح به نظر الجمهور وإنما هو مجرد الدعوى أن الإباحة كانت بعد رخاء العيش فأين الدليل عليها؟ ! .

الثاني: هذه الدعوى لو صحت لزم منها أن يكون تحريم الذهب على الرجال قد شرع في الوقت الذي حرم على النساء إن لم يكن تقدم عليه وكل عاقل يفهم من قوله: في ابتداء الإسلام أنه يعني في مكة أو في أول الهجرة على أبعد تقدير وإذا كان كذلك فنحن نقطع ببطلان هذه الدعوى لأن تحريم الذهب على الرجال إنما كان في أواخر الأمر كما نص على ذلك الحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك ٣/ ٢٣١ ومما يشهد له ما أخرجه البخاري في اللباس وأحمد في المسند ٤/ ٣٢٨ عن المسور بن مخرمة:

«أن أباه مخرمة قال له: يا بني! إنه بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدمت عليه أقبية فهو يقسمها فاذهب بنا إليه فذهبنا إليه. .. فخرج وعليه قباء من الديباج مزرر بالذهب فقال: «يا مخرمة هذا خبأته لك» فأعطاه إياه.

وإنما أسلم مخرمة عام الفتح وذلك بعد ثمان سنين ونصف من الهجرة فهذا نص على أن الذهب كان مباحا إلى ما قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بسنة ونصف تقريبا ولولا ذلك لم يلبس - صلى الله عليه وسلم - القباء المزرر بالذهب ولا وزعه على أصحابه كما هو ظاهر.

الثالث: أنه لو صح قوله: «فأباح النبي - صلى الله عليه وسلم - لبس الذهب لزوال المانع» لزم منه إباحة الذهب للرجال أيضا لزوال المانع أيضا وهذا باطل لا يقوله عالم وما لزم منه

باطل فهو باطل.

فإن قال: هذا غير لازم لأن علة تحريم الذهب على الرجال غير علة تحريمه على النساء.

قلنا: ما هيه؟ ولا سبيل له إلى إثباتها أبدا إلا بمثل هذه الدعوى التي أثبت بها أختها! وليست هي إلا مجرد رأي تفرد به الدكتور في آخر الزمان!

<<  <  ج: ص:  >  >>