للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتعارض مطلقا مع حديث حل الذهب للنساء لأنه عام وتلك خاصة والخاص مقدم على العام كما هو مقرر في علم الأصول ولهذه القاعدة رجح الإمام النووي رضي الله عنه في شرح مسلم والمجموع وجوب الوضوء من أكل لحم الإبل مع أنه مخالف لمذهبه بل ومذهب الجمهور حتى ظن بعض المتعالمين في هذا العصر أنه لا يقول بالوضوء منه عالم من علماء المسلمين! كما نشر ذلك في بعض الجرائد الدمشقية سنة ١٣٨٦ هـ تقريبا.

ولما ذكرنا قال ولي الله الدهلوي في حجة الله البالغة ٢/ ١٩٠ بعد أن ذكر أحاديث التحريم وحديث الحل: «معناه الحل في الجملة وهذا ما يوجبه مفهوم هذه الأحاديث ولم أجد لها معارضا».

وأقره صديق حسن خان في الروضة الندية ٢/ ٢١٧ - ٢١٨.

قلت: ومما يدلك على ضعف دعوى النسخ هذه أن بعض متعصبة الحنفية - وقد سبقت الإشارة إليه - لم ينظر إليها بعين الرضا مع أنه حكاها عن الجمهور الذين يقلدهم في هذه المسألة واحتج على ذلك بقوله - وقد وفق فيه -: «إن النسخ لا يلجأ إلى القول به ما دام التوفيق بين الأحاديث ممكنا بحيث لا يرد شيء من الأدلة» وهذا حق لا ريب فيه وهو من المقرر في علم الأصول.

ولكنه مع الأسف لم يستقر عليه الدكتور بل رجع إلى ادعاء النسخ معارضا بذلك الأخذ بأحاديث التحريم فقال: «إن الفريقين لما تجاذبا دعوى النسخ احتجنا إلى النظر في التاريخ للترجيح بين المذهبين وتعيين الناسخ والمنسوخ والتاريخ يؤيد نظر الجمهور»! .

فإنه لا شك في أن الصحابة في ابتداء الإسلام كانوا في أمس الحاجة للمال. .. «ولقد قسم الأنصار أموالهم مناصفة بينهم وبين المهاجرين فكان التختم بالذهب في تلك الفترة بطرا وترفا فلما مضت الأيام وفتحت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفتوحات صار الناس في رخاء العيش فأباح النبي - صلى الله عليه وسلم - لبس الذهب لزوال المانع»!

<<  <  ج: ص:  >  >>