٦ - ومن أعجب ما ردت به هذه الأحاديث الصحيحة قول بعض متعصبة الحنفية:«إن عائشة رضي الله عنها كانت تلبس الخواتيم من الذهب كما رآها ابن أختها القاسم بن محمد وحدث بذلك وهذا الخبر عن عائشة رواه البخاري في صحيحه».
وأقول: إطلاق عزو هذا الأثر للبخاري فيه نظر لأن المعروف عند العلماء أن العزو إلى البخاري مطلقا معناه أنه في صحيحه مسند وليس كذلك أمر هذا الأثر فإنه إنما ذكره معلقا بدون إسناد وذكر الحافظ في الفتح ١٠/ ٢٧١ أنه وصله ابن سعد في الطبقات. وسكت عن سنده وهو عندي حسن فقال ابن سعد ٨/ ٤٨: أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو قال: سألت القاسم بن محمد قلت: إن ناسا يزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الأحمرين: المعصفر والذهب فقال: كذبوا والله لقد رأيت عائشة تلبس المعصفرات وتلبس خواتم الذهب.
لكن رواه غير عبد العزيز بلفظ: «كانت تلبس الأحمرين: المذهب والمعصفر (١)». أخرجه ابن سعد أيضا: وأخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس عن سلميان بن بلال عن عمرو به وهذا الإسناد أصح لأن سليمان هذا أحفظ من عبد العزيز. فإن ثبت ذكر الخاتم في هذا الأثر عن عائشة فالجواب ما سيأتي وإلا فلا حجة فيه مطلقا لأن الرواية الأخرى - وهي الأصح - لا ذكر للخاتم فيها فهو على هذا مثل حديثها الآخر من طريق القاسم أيضا أن عائشة كانت تحلي بنات أختها الذهب ثم لا تزكيه. رواه أحمد في مسائل عبد الله ص ١٤٥ وسنده صحيح فهذا محمول على الذهب المقطع وهو جائز لهن اتفاقا.
ثم قال ذاك المذكور: «لا يتصور أن تلبس عائشة رضي الله عنها الذهب الملحق
(١) أي: المموه بالذهب بمعنى المطلي به و "المعصفر" هو الثوب المصبوغ بالعصفر.