ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل يوم معها وفي بيتها ثم لا ينهاها عنه».
قلت: هذه مغالطة ظاهرة - ولعلها غير مقصودة - إذ ليس في الأثر المتقدم أن عائشة لبسته على علم منه - صلى الله عليه وسلم - بل فيه أن القاسم بن محمد رآها تلبسه فمعنى ذلك أن لبسها إياه إنما كان بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - لأن القاسم لم يدركه - صلى الله عليه وسلم -.
ثم قال عطفا على ما سبق:«أو ينهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يبلغها؟ فهذا مستحيل قطعا».
قلت: لا استحالة في ذلك إلا نظرا وهذا ليس يهمنا لأن الواقع خلافه فكم من سنن فعلية وأقوال نبوية خفيت على كبار الصحابة رضي الله عنهم ولولا صحة السند بذلك عنهم لقلنا كما قال المومأ إليه هاهنا ولا يتحمل هذا التعليق الإكثار من أمثلة ذلك فلنقتصر على مثالين منها:
١ - أن عائشة ترى أن الأقراء إنما هي الأطهار كما قال أحمد في المسائل ١٨٥ وروى مالك في الموطأ ٢/ ٩٦ بسند صحيح جدا عنها أنها قالت:«تدرون ما الأقراء؟ إنما الأقراء الأطهار».
ونحوه في مسائل الإمام أحمد لابنه عبد الله ص ٢٣١.
أقول: وقد ثبت في السنة أن القرء إنما هو الحيض وبه قال الحنفية والرجل منهم فهل يرد حضرته مذهبه ولا سيما أنه موافق للسنة من أجل قول عائشة هذا؟ أم يجعل قولها دليلا على نسخ ذلك كما فعل في مسألتنا هذه؟ !
٢ - قالت عائشة رضي الله عنها: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى في يدي فتخات من ورق فقال:«ما هذا يا عائشة؟ » فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله! قال: «أتؤدين زكاتهن؟ » قلت: لا أو ما شاء الله قال: «هو حسبك من النار».
أخرجه أبو داود ١/ ٢٤٤ وغيره وإسناده على شرط الصحيح كما قال الحافظ في التخليص ٦/ ١٩ ومحمد بن عطاء الذي في إسناده هو محمد بن عمرو بن عطاء ثقة محتج به