صدى الصوت، فالفقيه هنا المشار إليه يريد أن يستخرج الآن بناء على ذاك الحكم المسطر من قديم الزمان حكمًا يناسب هذا الأمر الحادث في هذا الزمان وهو صوت المذياع، ترى! إذا سمعنا منه أغاني النساء وآلات الموسيقى والطرب أيجوز ذلك أم لا؟ في المسألة قولان: إذا كان ذاك هو صدى الصوت جاز، وإذا كان الصوت نفسه لم يجز.
هذا في الحقيقة غفلة عن باب سد الذريعة، ما الفرق بين أن يكون هو الصوت بعينه أو صدى الصوت؟ لماذا قال الفقهاء بتحريم سماع صوت المرأة؟ قالوا: خشية الفتنة، هذه الخشية قائمة سواء تفلسفنا في بيان حقيقة سماعنا لهذا الصوت أو الصوت نفسه أو هو صدى الصوت فالفتنة قائمة.
نعود إلى المسألة الأولى: لا يجوز النظر إلى شخص المرأة لأن فيه فتنة، لكن إذا نظرت إليها في الصورة هذا يجوز؛ لأنك تنظر إلى خيال وليس إلى حقيقة، علمًا أنه يترتب أيضًا من النظر، وهذا مشاهد بين الشباب الذين يتهافتون على شراء المجلات التي فيها النساء العاريات، لماذا؟ لأنهم يشبعون نهمة شغفهم بالاطلاع على هذه الصور العارية، ولا شك أن ذلك من أسباب انتشار الاستمناء الذي يسمونه بالعادة السرية تلطيفًا لوقع الاستمناء المحرم شرعًا، حتى وصل البعض من هذه الفلسفة المنحرفة عن قواعد الشريعة إلى أن يقول: أن الرجل إذا رأى صورة امرأة في المرآة أمامه فهذا جائز؛ لأنه ينظر إلى خيال، ومعلوم من الواقع أن صورة المرأة التي تظهر أمام الرجل الرائي في المرآة هي تكون خلقه، فتنتج نكتة مضحكة مبكية؛ ذلك أو تلك هي أنه إذا نظر هذا المتفلسف أمامه في المرآة جاز، فإذا التفت هكذا حرم، لم؟ لأنه هنا ينظر إلى حقيقة وهنا ينظر إلى خيال، هكذا وصل الفقه الإسلامي إلى مثل هذه المهزلة والسبب هو عدم التمسك بالقواعد الشرعية.
هذا ما أردت أن ألفت النظر إليه بالنسبة لما سبق من البيان.