للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: أحسنت، حديث الحبشة، أنت ذكرتني بشيء: السؤال انتقل من النظر إلى الصورة إلى الاستدلال بالحبشة، النظر إلى الحبشة نظر إلى أشخاص، فما علاقة النظر في الصورة؟ الصورة نفس البحث أو السؤال ليس متعلقًا بالصورة وإنما بالمصور فهم أشخاص، فنظرة السيدة عائشة رضي الله عنها إلى لاعبي الحبشة هذا أمر مسموح به لها ولغيرها؛ لأنها منصرفة إلى النظر إلى اللعب وليس إلى الأشخاص، اللعب مثل إذا نظرت المرأة إلى معركة قتال، لا يخطر في بال المرأة يومئذٍ ما قد يوسوس الشيطان إليها أن تحلق ببصرها إلى الشخص الذي قد تسر من جماله ومن شكله، فهنا النظر سمح به لأن الفتنة مأمونة من حيث أن النظر متوجه ليس إلى الشخص أو الأشخاص وإنما إلى لعبهم بالحراب.

يضاف إلى ذلك أن هذا اللعب وقد كان في المسجد هو من باب اتخاذ الوسائل للاستعداد لملاقاة الأعداء، وإلا فلا يجوز كل لعب في المسجد كما سمعنا من بعض المتعالمين يقول عندنا في دمشق مسجد يعرف بمسجد بني أمية، المسجد كبير فيه ساحة كبيرة جدًا طبعًا مكشوفة، تكون عادة في سعة الملاعب ملاعب كرة القدم أو أوسع، يقول هذا المتفلسف أيضًا: لو كان بيده من الأمر شيء لجعل هذه الساحة من المسجد ملعبًا بلديًا .. ملعب لكرة القدم، لا يجوز اتخاذ المساجد ملاعب لكن أجاز الرسول عليه السلام للحبشة أن يلعبوا في المسجد بالحراب؛ لأنه من باب قوله تبارك وتعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠] إلى آخر الآية، هذا هو الجواب عن مسألة نظر عائشة، ونظر عائشة في نفس الحديث إلى لعب الحبشة، فالنظر إلى لعب الحبشة وهو لعب مشروع غير نظر المرأة إلى الرجل، ونظر الرجل إلى المرأة شخصيًا.

على هذا يمكن أن نخرج حديث اللعب، وحينئذ لا يصطدم مع النص القرآني الذي جاء في السؤال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: ٣٠] وكذلك: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: ٣١] فليس هناك مجال أبدًا في تأويل الآية إلى المعنى الذي أشار

<<  <  ج: ص:  >  >>