أخذ بذلك، فلا شك أن المفسدة موجودة في زمن الرسول، وزمن الرسول إن كان -بلا شك- ممكن أن أقول اليوم الفتن والمفاسد أكثر من ذي قبل، لكن ما نستطيع أن نقول الفتنة لم تكن موجودة في عهد الرسول عليه السلام، ونحن نسمع الحقيقة بعض الحوادث، كتلك الحادثة التي جاء ذكرها في بعض الأحاديث الصحيحة، أن رجلاً خرج منطلقاً إلى المسجد فدخل على امرأة وهي في محلها في دكانها قال: فلم يدع شيئاً يفعله الرجل مع زوجه إلا فعله معها إلا أنه لم يجامعها، وانطلق إلى المسجد وصلى مع الرسول وسأل الرسول عليه السلام. قال له: أصليت معنا؟ قال: نعم، فأنزل الله عز وجل قوله:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود: ١١٤].
فهذه فتنة موجودة في عهد الرسول عليه السلام لا يمكن إنكارها، فلماذا لم يحرم على النساء خشية الفتنة أن تكشف عن وجهها، ولماذا لم يأمر النساء أن يسدلن على وجوههن أمراً واجباً.
ثم أخيراً يأتي حديث الخثعمية كما نذكر دائماً وأبداً، حيث أن الفتنة ذرت قرنها في تلك الحادثة، مع ذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما أمرها أن تغطي وجهها، وهنا أنا أتعجب من بعض العلماء وبخاصة إخواننا النجديين يقفون أمام حديث الخثعمية، يسلكون تجاهه طرق التأويل وتحميل للحديث ما لا يتحمل، حتى يتفق مع مذهبهم المتشدد على المرأة المسلمة، حديث الخثعمية صحيح أنه وقع في الحج، وأنها وقفت في طريق الرسول عليه السلام تسأله، قالت: إن أبي شيخ كبير لا يثبت على الرحل، وقد أدركته فريضة الحج أفأحج عنه؟ قال: حُجِّي عنه. وخلفه عليه السلام الفضل بن العباس، وكان وضيئاً وهي كانت جميلة فكان ينظر إليها، وتنظر إليه، فصرف الرسول عليه السلام وجه الفضل إلى الجهة الأخرى الشق الآخر، جاء في خارج الصحيح أنه قال:«إنه يوم من حفظ فيه سمعه وبصره، غفر الله له»، أو كما قال عليه السلام، هذا الحديث صريح جداً بأن وجه المرأة ليس بعورة، وإلا لما أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة هذه، وقد قامت بوادر الفتنة على الكشف، ماذا يجيبون؟ يقولون كانت محرمة.
هذا الذي أنا أريد أن أقوله بالنسبة لهؤلاء المشائخ الأفاضل، كانت مُحْرِمة، طيب! وماذا إذا كانت مُحْرِمة، الذي يقرأ كلامهم ممن لا علم عندهم، وهؤلاء هم عامة القراء لا فقه