اقتضتها الظروف الزمانية أو المكانية وإلى هذا يشير الشيخ الفاضل بأن الآن الزمان تغير كان هناك ورع وتقوى والآن لا شيء من ذلك, فأنا ذكرتُ آنفا أن ممن يؤيد قوله أن النساء لم يعدن يرتدين الحجاب الشرعي من أجل ذلك قالت السيدة عائشة رضي الله عنها «لو علم النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد» ,لكني أقول وهنا الشاهد: إن المصلحة المرسلة لا يجوز الأخذ بها بإطلاق وإنما لابد هناك من التفصيل, وهذا التفصيل مما استفدته من ابن تيمية رحمه الله وبخاصة من كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم» فقد ذكر هناك وهو في صدد تأكيد عموم الحديث السابق «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» ثم تسلسل في البحث أكثر حتى وصل إلى موضوع المصالح المرسلة فذكر فائدة هامة جدا وهي: أن المصلحة المرسلة يجب أن يُنظر إليها بالتفصيل التالي:
إذا كان المقتضي من الأخذ بها كان قائما في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم هو يشرع ما تقتضيه تلك المصلحة وقد وجد المقتضي لها في زمنه عليه السلام فهذه بدعة, وليست مصلحة مرسلة ونضرب على ذلك مثلا الأذان للعيدين الأذان للعيدين للإعلام قد يقول البعض هذا مصلحة لكن هذه المصلحة كان المقتضي لها في زمن الرسول عليه السلام قائما فنحن نعلم من الروايات صحيحة أنه لم يكن هناك في عهد الرسول عليه السلام أذان لهذين العيدين, فإذن ادعاء أن المصلحة تقتضي إيجاد أذان لكل من الصلاتين المذكورتين يدخل في باب الإحداث في الدين, هذا إذا كان المقتضي قائما في عهد الرسول ثم لم يصلنا ما يلزم هذه المقتضي, ثم أقول: فإذا كان المقتضي من الأخذ بتلك المصلحة لم يكن قائما في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وإنما حدث هذا المقتضي بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فذلك لا يستلزم أيضا شرعية إيجاد تلك الوسيلة التي تحقق الغاية اللازمة من وجود المقتضي الذي لم يكن موجودا في عهد الرسول, يقول ليس هذا على إطلاقه وهذا بالنسبة مهم جدا جدا, فأقول ينبغي أن ننظر هل هذا المقتضي ناشئ بسبب تأخر المسلمين تكاسل المسلمين بالقيام بأحكام دينهم أم ذلك فرض عليهم بظروف لا يملكون التصرف فيها, فإذا كان المقتضي بالأخذ بتلك المصلحة هو عدم قيامهم بالأحكام