للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنه أولاً غير تائب عن ذنبه ولا يزال على حاله، اثنين تاب عن ذنبه؟

الشيخ: الذي لم يتب ولم يرتدع عن ذنبه لا يسأل مثل هذا السؤال؛ لأن هذا المصر على ذنبه لا يحرص على أن يطهره الحاكم المسلم، إنما يصح أن يصدر مثل هذا السؤال من شخص ندم على ما صدر منه من حد أو من ذنب يستحق الحد، هذا ممكن أن يتصور منه أن يسأل مثل هذا السؤال، فإذا كان هناك فعلاً من واقع محرماً من هذا الشاب المبتلى في هذا الزمان، وأراد أن يلقى الله عز وجل وهو طاهر من ذنبه فالأمر بالنسبة إليه سهل جداً جداً ولو كان لا يوجد مع الأسف اليوم من يقيم الحدود الشرعية في هذه الدول الإسلامية، إقامة الحدود الشرعية هي رحمة من الله عز وجل ولا شك ولا ريب كما قال عز وجل: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة: ١٧٩] ذلك لأن الحد إذا ما أُقيم على المحدود كان ذلك طهرة له وتزكية له وتوبة له، هذا بالنسبة إليه، وبالنسبة للمجتمع الذي تورط فيه ووقع منه ذلك الذنب وحُدَّ من أجله يكون عبرة لغيره ممن قد يصاب بمثل ذنبه، ولهذا قال: {فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩] أي حياة للأمة وحياة للشعب، ولو أنه مات لكن حياته في الآخرة خير له ما دام أنه طُهّر من ذنبه بإقامة الحد عليه، أما ولا يوجد اليوم من يقيم الحد فقد جعل الله عز وجل لمثل هذا الإنسان طريقاً سهلاً سمحاً وذلك أن يتوب إلى الله تبارك وتعالى، بل إن الشارع الحكيم يرغب ممن يصاب بمثل هذه المعصية أن لا يعرض نفسه لمن يقيم الحد عليه، أي: لو كان هناك حاكم مسلم يقيم شريعة الله وحدود الله على من يستحقها، ثم وقع أحد أفراد الشعب في حد من حدود الله فالإسلام يأمره بأن يستر على نفسه، وألا يكشف عن ذنبه لذاك الحاكم الذي يريد أن يطهره منه، ولعلكم تعلمون قصة ماعز الذي زنا بتلك المرأة الغامدية، حيث جاء إلى النبي صلى الله عليه، وآله وسلم يطلب منه إقامة الحد بقوله: يا رسول الله طهرني، جاءه من الجهة اليمنى فانحرف عنه عليه السلام إلى الجهة اليسرى، واضح

جداً كأنه يقول بلسان الحال غيّب وجهك عني ولا تسمعني كلمتك هذه، لكن الرجل يريد أن يطّهر، فجاءه إلى الجهة الأخرى: يا رسول الله طهّرني، أيضاً صرف وجهه عنه هكذا ثلاث مرات .. فجاءه إلى الجهة الأولى: يا

<<  <  ج: ص:  >  >>