للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله طهرني، عرف النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن ماعزاً هذا جاد في ما يطلبه من إقامة الحد عليه، فقال صلى الله عليه، وآله وسلم: استنكهوه .. استنكهوه، ما معنى هذا اللفظ، يعني شموا رائحته، رائحة فمه لعله رجل شربان وسكران، فهو يهذي بما لا يدري .. استنكِهوه، استنكَهوه رائحة فمه رائحة فم نظيف من الخمر، فأخبروه فأمر عليه الصلاة والسلام برجمه بالحجارة، فرجموه حتى مات، فتكلم بعض الذين رجموه بكلمة فيها غمز وطعن في ماعز لأنه وقع في الزنا فقال عليه السلام: لقد تاب توبة لو قُسّمت على أهل المدينة لوسعتهم.

فنحن نرى في هذه القصة وهي في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد في أول الأمر أن يصرف الرجل ألا يفضح نفسه أمام الناس ولو بطلب إقامة الحد عليه، وعرفتم النتيجة، ولذلك جاء في بعض الأحاديث ما معناه: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر، فالله عز وجل ستير يحب الستر.

الشاهد: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر لا يفضح نفسه ولا يقل خاصة في هذا الزمان .. لا يقل لأحد المشائخ أو الأصدقاء أو الإخوان أنا فعلت كذا وكذا، وأنا أريد من يقيم الحد عليّ .. لا الجواب سهل جداً تب إلى الله عز وجل توبة نصوحاً، ما هي شروط التوبة النصوح؟ أولاً: أن تندم على ما فاتك، وأن تعزم على ألا تعود، وثالثاً: أن تُكثر من الأعمال الصالحة، إذاً لا حاجة بالمسلم أن يفضح نفسه بزعم أنه يريد أن يُطهّر بإقامة الحد .. ! لا، التوبة تمحو الحوبة .. التوبة النصوح تقوم مقام الحد، لكن شروطها كما ذكرت لكم آنفاً: أن يندم على ما حصل منه إن كان زنا، إن كان سرقة، إن كان شرب خمر، إن كان غيبة، إن كان نميمة .. أي شيء كان يندم على ما فات ويعزم على ألا يعود ويكثر من الأعمال الصالحة، ذلك قوله تعالى الصريح في القرآن الكريم حينما ذكر عباد الرحمن قال تعالى في أوصافهم: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>