للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجدر بغير الصور، ثم نتج من ذلك أن عزا إلى بعض الأئمة ما لم يقله بل هو خلاف قوله، فقال عقب الحديث:

«ولا يؤخذ من الحديث أكثر من الكراهة التنزيهية لكسوة الحيطان ونحوها بالستائر ذات التصاوير.

قال النووي: وليس في الحديث ما يقتضي التحريم؛ لأن حقيقة اللفظ: أن الله لم يأمرنا بذلك، وهذا يقتضي أنه ليس بواجب ولا مندوب، ولا يقتضي التحريم».

قلت: إنما قال النووي ذلك عن الأمر الآخر أعني ستر الجدر بالستائر، لا في الصور، وإن قوله فيها صريح بالتحريم، وقد نقلت كلامه في ذلك عند الحديث «١٣٤» وأكد ذلك في شرحه لهذا الحديث مفرقاً بين الأمرين، مصرحاً بتحريم الأول، وكراهة الآخر، فقال:

«وقولها: «هتكه» هو بمعنى قطعه وأتلف الصور التي فيه، وقد صرحت الروايات المذكورات بعد هذه بأن هذا النمط كان فيه صور الخيل، ذوات الأجنحة، وأنه كان فيه صورة، فيستدل به لتغيير المنكر باليد، وهتك الصور المحرمة، والغضب عند رؤية المنكر.

وأما قوله حين جذب النمط وأزاله: «إن الله لم يأمرنا بأن نكسو الحجارة والطين» فاستدلوا به على أنه يمنع من ستر الحيطان، وتنجيد البيوت بالثياب، وهو منع كراهة تنزيه لا تحري.

هذا هو الصحيح.

وقال الشيخ أبو افتح نصر المقدسي، من أصحابنا: هو حرام، وليس في هذا الحديث ما يقتضي تحريمه؛ لأن حقيقة اللفظ أن الله تعالى لم يأمرنا بذلك .. ».

(غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام) (ص ٨٥ - ٨٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>