وعدم رغبة في الفضائل من الأعمال فَصَلَّاها في المسجد ما فيه مانع، لكن يجب أن يكون على بَيِّنة أن الأفضل هو كما قال عليه السلام:«فَصَلُّوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة».
ولذلك: من أجل هذا الحديث اختلفوا قديماً وحديثاً في صلاة القيام، صلاة التراويح، هل يصليها في المسجد أم يصليها في البيت، لعله طَرَق سمعَك مثل هذا الخلاف، فالذين يُرَجِّحون الصلاة في المسجد يحتجون بأن الرسول عليه السلام الذي قال الحديث القولي:«فصلوا في بيوتكم» هو الذي سَنَّ سُنَّة القيام في رمضان في المسجد، ثم ترك ذلك لقوله المعروف «لخشية أن تفرض عليهم»، فبوفاة الرسول عليه السلام انتهى التشريع فما فيه تَوَهُّم من تَغَيُّر الحكم الشرعي الذي ترك الرسول أُمته عليه، فعاد الجمهور في المسجد جماعة خلاف ما يتبادر من قوله عليه السلام:«فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة».
فهنا يقال: -وهنا بيت القصيد أيضاً- كما يقال: هذا الحديث: «فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» نقول: هذا تعميم إلا إذا وُجِدَ عارض، هذا العارض في كثير من الأحيان يكون سبباً لتعديل -وما أقول: تغيير - الحكم الشرعي، مثلاً: معلوم لدى الجميع أن صلاة المرأة في بيتها أفضل لها من الصلاة في المسجد، مع ذلك نحن نشاهد في السُّنَّة أن النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يُؤْثِرن الصلاة في المسجد، فكيف هذا؟
الجواب: أن القاعدة هو: «وبيوتهن خير لهن» لكن إذا كان في المسجد فائدة علمية وعظية تربوية لا تتمكن المرأة من تحصيلها وهي تصلي ولا تخرج من عقر دارها، حينئذٍ يصبح المفضول فاضلاً والفاضل مفضولاً، واضح إلى هنا.
صلاة التراويح كذلك، إذا كان هناك جماعة من المسلمين يُصَلُّون القيام في رمضان في المسجد، وكانت المرأة لا تشعر بفضيلة ليالي رمضان بل تشعر بوحشة، لأنه ما فيها حولها جماعة دينية وجماعة صالحين يقيمون الصلاة التي تتخصص في ليالي رمضان بها، بل تشعر بأن حياتها التي يمكن أن نسميها اليوم بالحياة الروحية