للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتصوير اليدوي، أما في التصوير الفوتوغرافي فلا مضاهاة، وأنا أتعجب كل العجب من هذه المغالطة وأتساءل في نفسي: يا ترى! هل هم واهمون أم هم يتظاهرون بالوهم ويعرفون أنه خلاف ما يظنون؟ ذلك لأن من صفات الله تبارك وتعالى ما قاله في غير ما آية في القرآن الكريم: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢] فأي الصورتين أقرب شبهًا ومضاهاة لخلق الله، آلصورة التي يظل عليها المصور ليل نهار يخطئ من هاهنا فيصحح من هاهنا، لا يكاد يمضي عليه لحظات أو ساعات فيدخل على ما صححه تعديلًا وهكذا حتى تستقيم الصورة في نظره، هذا أشد مضاهاة لله في قوله للشيء كن فيكون، أم ضغطة على الزر وإذا الصورة ظهرت في أحسن ما تكون تصويرًا؟ لا شك أن هذا أليق بأن يكون مضاهاة لخلق الله تبارك وتعالى.

هذا شيء، والشيء الآخر: المصور حتى المصور للصنم .. للتمثال المجسم ما الذي يصور؟ هو يصور الظاهر من الإنسان، أما الباطن أي: الدماغ والعروق والشعيرات وإلى آخر ما هنالك من خلق الله الدقيق .. القلب .. المعدة إلى آخره، كل هذه الأشياء لا يستطيعون أن يصوروها فهم إذًا يصورون هذا الظاهر فالمضاهاة التي ذكرها الرسول عليه السلام في الحديث إنما يعني هذه الصورة الظاهرة، وليست المضاهاة الحقيقية فلن يستطيع البشر مطلقًا أن يصلوا إليها، فإذا انتبهنا إلى هذه النقطة حينئذ المضاهاة تكون بهذه الصورة الفوتوغرافية أقوى بكثير من الصورة اليدوية أو النحت بالإزميل والشاكوش ونحو ذلك، هذا من جهة، من جهة ثانية: خفي على هؤلاء الذين وقفوا عند هذه العلة وهي علة المضاهاة.

نحن نعتقد أن هناك علة أخرى ونستطيع أن نكون مدققين أكثر فيما إذا قلنا أن هناك حكمة أخرى في تحريم الشارع الحكيم للتصوير والصور ألا وهي أنها كانت سببًا لعبادة غير الله تبارك وتعالى كما جاء في كتب التفسير تحت قوله تعالى في قوم نوح عليه السلام: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: ٢٣] قال تعالى: {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} [نوح: ٢٤] [لابد أن

<<  <  ج: ص:  >  >>