للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن هذا السماع على هذا الوجه حرام قبيح لا يبيحه أحد من المسلمين ولا يستحسنه إلا من خلع جلباب الحياء والدين عن وجهه وجاهر الله ورسوله ودينه وعباده بالقبيح وسماع مشتمل على مثل هذه الأمور قبحه مستقر في فطر الناس حتى إن الكفار ليعيرون به المسلمين ودينهم:

نعم خواص المسلمين ودين الإسلام براء من هذا السماع الذي كم حصل به من مفسدة في العقل والدين والحريم والصبيان فكم أفسد من دين وأمات من سنة وأحيا من فجور وبدعة!

ولو لم يكن فيه من المفاسد إلا ثقل استماع القرآن على قلوب أهله واستطالته إذا قرئ بين يدي سماعهم ومرورهم على آياته صما وعميا لم يحصل لهم من ذوق ولا وجد ولا حلاوة بل ولا يصغي أكثر الحاضرين أو كثير منهم إليه ولا يقومون معانيه ولا يغضون أصواتهم عند تلاوته:

تلي الكتاب فأطرقوا لا خفية ... لكنه إطراق ساهٍ لاهي

وإلى الغناء فكالذباب تراقصوا ... والله ما رقصوا لأجل الله

دف ومزمار ونغمة شادن (١) ... فمتى رأيت عبادة بملاهي

ثقل الكتاب عليهم لما رأوا ... تقييده بأوامر ونواهي

والرقص خف عليهم بعد الغنا ... يا باطلا قد لاق بالأشباه

يا أمة ما خان دين محمد ... وجنى عليه ومله إلا هي (٢)

وبالجملة، فمفاسد هذا السماع في القلوب والنفوس والأديان أكثر من أن يحيط به العد.

ومنهم المفسر المحقق الآلوسي (٣) فقال بعد أن أطال النفس جدا في تفسير آية


(١) الأصل "شاهد" وما أثبته في إغاثة اللهفان ١/ ٢٢٥. ولعله الأقرب وهو المغني. [منه]
(٢) قال المعلق عليه: لم أعرف القائل وأنا أظن انه ابن القيم نفسه فان أسلوبه وروحه عليه ظاهر وقد ساقه في الإغاثة باختلاف في بعض الأبيات وزيادة عليها. [منه]
(٣) ٢ هو العلامة أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود الالوسي مفتي بغداد له مؤلفات كثيرة أشهرها واعظمها تفسيره هذا روح المعاني توفي سنة ١٢٧٠. [منه]

<<  <  ج: ص:  >  >>