للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم الأمر كله بيد الله تبارك وتعالى، فله الأمر والخلق كله، فلا ينبغي لبعض الأطباء أن يشاركوا في مثل هذه الأمور التي تخفى حقائقها على الناس جميعاً، وقد يطلعون أحياناً على بعض الأمور دون الناس الآخرين، فلا يجوز أن ننظر إلى المستقبل المجهول لدى جميع الناس، ولا يعلم الغيب إلا الله تبارك وتعالى، فكون المرأة قد تضع جنيناً مشوهاً أو نحو ذلك مما يقال اليوم: إنه معوق .. أو ما شابه ذلك، فنحن باعتبارنا مسلمين مؤمنين بالله عز وجل، وبأنه حكيم عليم، ما ترى في خلقه من تفاوت، هذا التفاوت الذي نراه نحن بين البشر عامة، سواء في لون البشرة أو في الطول والقصر، أو في الذكورة والأنوثة، أو في الصحة والسلامة، أو في العلل والمرض .. ونحو ذلك، هذا كله تقدير العزيز العليم، يعني: ربنا عز وجل يريد أن يري عباده ما يحسن عندهم وما يقبح، ولكن كل ذلك عند الله عز وجل حسن، فنظرتنا إلى خلق الله عز وجل ليست كنظرة الخالق نفسه تبارك وتعالى؛ لأنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: ١١].

بهذه المناسبة لا بد لي أن أذكر حديثاً أعتبره رائعاً جداً بالنسبة لهذا الموضوع والجواب عن هذا السؤال: لقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من أصحابه يمشي وإزاره طويل دون الكعبين، فقال له عليه الصلاة والسلام: «يا فلان! ارفع إزارك فإنه أتقى وأنقى، فقال له: يا رسول الله! إني أحنف» ماذا يعني أحنف؟ يعني: منحني الساقين، تعرفوا أيش هي؟ لا لا منحني مقوس، الساق مستقيمة في نقص بتلافي هون في فجوة طويلة وتكاد القدم يمس القدم الأخرى، هذا معناه أحنف، فهو أي: هذا الذي أطال إزاره ليستر هذا العيب في ظنه، فاعتذر بهذا السبب لإطالته لإزاره، فقال له عليه الصلاة والسلام: «يا فلان! -وهنا الشاهد- كل خلق الله حسن».

ولهذا فما نراه نحن بأعيننا المادية البشرية يجب أن نحكم رأساً أنها رؤية قاصرة، هي لا تنظر كما يقول المثل العربي القديم: إلى أبعد من أرنبة أنفه، فلان يقولون: فلان لا ينظر إلى أبعد من أرنبة أنفه، يعني: من هنا إلى هنا، أما أن ينظر إلى بعيد فلا، ثم مهما كانت نظرة الإنسان بعيدة وبعيدة جداً فهي نظرة قاصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>