هذا صحابي من أصحاب الرسول يرى نفسه معيباً؛ بسبب الحنف والانحناء الذي في ساقيه، فستره بإطالة الإزار؛ لأنه لو جعله فوق ذلك لظهر شيء من الحنف هذا، فلفت النبي - صلى الله عليه وسلم - نظره بأن هذا الذي تراه أنت عيباً ليس عيباً؛ لأن الله هو الذي خلقه، وليس هذا من صنعك، كما قال عز وجل:{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}[لقمان: ١١]، ما يخلقون من شيء.
إذاً: هذا الجنين إذا ولد ولادة طبيعية وكان معوقاً أو كان مصاباً بمرض قدره الأطباء سلفاً، فهذه مشيئة الله، وهذا قدره؛ ليكون عبرة للأصحاء كما قيل: الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.
وأيضاً هناك توجيه نبوي كريم وعظيم جداً وهو:«لا تنظروا إلى من فوقكم ولكن انظروا إلى من هو دونكم؛ فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم»، فقد يكون هناك إنسان جميل الصورة، ولا خلاف حتى عند الذين ينظرون إلى أنفسهم بأنهم قبيحين صورة، قد يقولون: والله هذا جميل، هذا التفاوت في الخلق، وفي الجمال هو من تقدير الله العزيز العليم الحكيم، فحينما خلق الله الجمال وخلق نقيضه فذلك لما قلنا لحكمة بالغة يمكن التعبير عنها بما قيل قديماً، وبضدها تتبين الأشياء، فلولا القباحة ما عرف الجمال، لولا المرض ما عرف الصحة، لولا الذكر ما كان الأنثى، لولا الأنثى ما كان الذكر، فكل هذا الخلق الذي نراه على ما فطر الله عز وجل الناس عليها هو من حكمة الله عز وجل.
ولذلك فلا ينبغي التجاوب مع آراء الأطباء في الأمور التي لم تخرج بعد إلى ميدان الحياة، فإذا ما خرجت إلى ميدان الحياة فهناك يأتي قوله عليه الصلاة والسلام:«يا عباد الله! تداووا؛ فإن الله لم ينزل داء إلا وأنزل له دواء»، هذا حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه، وروى هذا الحديث صحابي آخر جليل وهو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه بزيادة فقال:«تداووا عباد الله فإن الله لم ينزل داء إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله».