للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخالفوا اليهود والنصارى» هذا حديث، حديث ثاني: «جاء رجل رسول من طرف كسرى حِلِّيق اللحية، قال له: من أمرك بهذا؟ قال: رَبِّي، لذلك قال عليه السلام: «وخالفوا اليهود والنصارى» وفي رواية «المجوس»، من أمرك بهذا؟ قال: رَبِّي، قال: أما رَبِّي فأمرني بقص الشارب وإعفاء اللحية» وكذلك قال عليه الصلاة والسلام: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم» فقصد مخالفة الكفار فقط كمذهب عام مبدأ عام أمر مشروع في الإسلام.

وأنا أضرب لكم مثلاً بسيطاً قد ينكره بعضكم، قد ترون في يد بعضهم الساعة في اليد اليمنى وليس في اليسرى، فرض؟ لا، سنة؟ لا، لأنها ما كانت الساعة في زمن الرسول حتى نقول: سنة، إذاً: مخالفة الكفار، فالكفار ابتدعوا واخترعوها ولطفوها وجعلوها بهذا الحجم وبسهولة الاستعمال، ووضعوها في شمائلهم، فتطبيقاً لهذا الحديث: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم» أي: اليهودي والنصراني يشيب كما يشيب المسلم، سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلاً، فيشترك المسلم مع الكافر في الشيب، وهو لم يفعل ذلك، هذه خلق الله، مع ذلك الله على لسان نبيه يقول له: لا، المسلم هذا خالف اليهود والنصارى، اصبغ شيبك حتى تتميز بصبغك عن هؤلاء الكفار، فما بالك في صبغة أخرى صبغك الله بها، وصبغ كل رجل في الدنيا، وهو خلق له لحية، يأتي الكافر فيخالف إرادة الله، ويحلق لحيته، فتأتي أنت وتتشبه به وتوافقه فتخالف أمر الرسول من جهة، ثم توافق اليهود والنصارى والمجوس من جهة أخرى.

كذلك قال عليه السلام: «خمس من الفطرة: فذكر منها قص الشارب» في حديث آخر: عشر من الفطرة، أضاف إلى قص الشارب إعفاء اللحية، فإذاً: هذا الحديث يعطينا حكماً جديداً، يبطل قول أولئك الناس، يقولون: هذه كانت عادة في الجاهلية، والرسول أقرها، فإن شئت فعلت وإن شئت تركت، نقول: لا، لقد حكم الرسول عليه السلام بأن إعفاء اللحية من الفطرة التي وصفها في القرآن الكريم بقوله: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>