ما وجد الإسلام على وجه الأرض {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم: ٣٠]، من هنا يخطئ كل الذين كتبوا في هذه المسألة سواء الذين قالوا: بأن هذه سنة، أو الذين قالوا: إن هذه مستحبة، أو الذين قالوا: سنة عادة، وهؤلاء أبعد صواباً عن كل هذه الأقوال لأنهم لم ينتبهوا، أو انتبهوا وحادوا وأحلاهما مُر.
هذا الحديث الذي يجعل من الفطرة التي لا تبديل لها جعلوها منثورة، قال لك: عادة، يعني: إن شئت فعلته أو إن شئت تركته، كما قلنا نحن في السنن، السنن العادية: إن شئت فعلت وإن لا، لا، هذه ليست سنة عادية أبداً، وأنا ذكرت مثالاً كجواب لسؤالك، ما هو الضابط ما هي القاعدة لتمييز السنة التعبدية عن السنة العادية؟
قلت لك: إن الرسول عليه السلام إذا حَضّ على شيء من السنن العادية، يخرج ويدخل في السنة التعبدية، وآتيك بمثال لباس البياض «عليكم بالبياض فالبسوها أحياءكم وكفنوا فيها موتاكم» المثال الأقوى بالنسبة لسؤالك أنت الأول هو اللحية، لأنه كما قلت: الأعراب كانوا يلتحون، كانت عادة عربية، على العكس من ذلك كان المجوس وكان النصارى يلتحون، ولعلك قرأت في كتاب فقه السيرة للبوطي -الذي ذكرته في المجلس السابق- أن رجلاً من المجوس جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رسولاً من قِبَل كسرى، جاء ملتحياً، قال: من أمرك بهذا؟ قال: ربي، يعني: كسرى، قال: أما ربي فأمرني بإعفاء اللحية وقص الشارب، فالمجوس إذاً: كانوا ولا يزالوا من عادتهم حلق اللحية، قلت: أني ضربت مثال بلباس البياض، وأقوى مثال ما نحن فيه الآن، لأن العرب كان من عادتهم إعفاء اللحية، الرسول أولاً أقرهم، ولو كان هذا فقط كنت أنا أقول مع القائلين: هذه عادة، من شاء فعل، ومن شاء ترك، لا، فإنه أولاً: أمر بها أمر إيجاب كما اتفقنا، ثم جعلها من الفطرة التي لا تَقْبَل التغيير والتبديل، ما بقي على وجه الأرض مسلم.
وثالثاً: ولعله يكون أخيراً: ما رأيك في تغيير خلق الله عز وجل دون إذن من