لا شك أنه من الثابت في فلسفة التاريخ، كما يقولون في هذا الزمان، أن من طبيعة الأمة الضعيفة أن تُقَلِّد الأمة القوية، ولا عكس، الأمة القوية لا تُقَلِّد الأمة الضعيفة؛ لأن هذه الأمة ليس لها وزن عندها، وبالعكس الأمة الضعيفة التي تشعر بضعفها في كل نواحي الحياة، وتنظر بعين الإجلال والإكبار لأمة أخرى، تحاول أن تقلد هذه الأمة الكبرى.
وقلت -آنفاً- مذكراً: لا أحد يشرب بيده اليسرى؛ لأن هذا منهي عنه شرعاً، لقوله عليه الصلاة والسلام:«كُل باليمين، واشرب باليمين، ولا تأكل بالشمال ولا تشرب بالشمال، فإن الشيطان يأكل بالشمال ويشرب بالشمال».
فشيء مؤسف جداً، المسلمون اليوم مظهر إسلام، أما فعل الفعل مخالف لشريعة الإسلام في عشرات الجزئيات الكثيرة، لا أعني المستحبات والسنن المؤكدات، لا أعني المحرمات، ونحن الآن نتكلم في المحرمات، ولا نتكلم بالسنن والمستحبات.
فحرام أن يأكل الإنسان أو يشرب بيده اليسرى؛ لأن هذا من عمل الشيطان، يجب عليه أن يأكل باليمين ويشرب باليمين، وليس هذا فقط، واليوم كنا مع الأخ عند بقال، فيأخذ الفلوس بيده الشمال، ويعطي بيده الشمال، وهو مثلي قد بلغ من الكبر عِتِيّاً، لكن هو ستر كِبَره بحلق لحيته، هذا هو الفرق.
مع أنه بلغ هذا السن، ما زال يعطي بالشمال، ويأخذ بالشمال، والله هذا الإنسان معذور يا جماعة، معذورين أنتم كلكم إلا ما شاء الله، ممن قامت عليه الحجة من قبل، معذورين؛ لأنه أغلقت المساجد لم يبق فيها مدرس، وزارة الأوقاف المحترمة قررت هذا، وهذا القرار مع الأسف الشديد ناسب الناس، لأنه قبل أن يضعوا مثل هذا القرار، لم تكن تجد ناساً متطوعين، متبرعين، هذا يعطي درس في التفسير، هذا يعطي درس في الحديث، هذا يعطي درس في الفقه، في النحو، في الصرف، في التجويد .. إلى آخره، لم تعد تر مثل هذه الدروس أبداً في المساجد.