أنا أدركت في سن شبابي في المسجد الأموي هناك في دمشق، أدركت حلقات كثيرة جداً في المسجد، ومن جُمْلَتها حلقات الذكر الذي نشكو منها، الذي يصير فيها صياح وزعاق، ومن يَدَّعي أنه أخذه الحال، فيقع مثل الثور في الأرض ليخور ويصيح .. إلى آخره .. كل هذا كنا نراه، ففيه الخير وفيه الشر.
أما الآن: فالناس بقوا على جهلهم؛ لأنه لم يبق من يعطيهم العلم، من يسقيهم هذا العلم النافع في المساجد كما كان الأمر من قبل، ولذلك عاش الناس هكذا كما يقال لغة: سبهللا، يعني: فلتانين يأكل كيفما اتفق، ويشرب كيفما اتفق، ليس هناك منهج حياة، لأنه جاهل، ليس هناك من هو رجل عالم، يذكره هذا المنهج، ولو المَرَّة بعد المرة، والكَرَّة بعد الكرة، فَعَمَّ الجهل عامة المسلمين، إلا من شاء الله، وقليل ما هم.
فتلك الشبهة: أنه أصبح الكفار يربوا لحيتهم!
الجواب: نعم، لكن هذا قليل من كثير، الغالب عليهم الحلق.
ثانياً: هؤلاء يتشبهون بنا، فخير لنا أن يتشبه الكفار بنا من أن نتشبه نحن بهم؛ لأن المريض الضعيف هو الذي يتشبه بالقوي، أما القوي لا يتشبه بالضعيف.
هذه نكتة تاريخية فلسفية .. يقلدوا نفس الكفار هؤلاء، لذلك فأشرف لنا قبل أن يكون أشفع لنا، أن الكفار يتشبهون بنا، ولا نتشبه بهم نحن، فلا ينخدعن أحد منكم بما يقوله بعض الناس المنحرفين علماً أو خلقاً: الكفار الآن يعفون لحاهم.
طيب، نحن نتشبه بالرسول عليه السلام؛ لأنه كان له لحية تملأ صدره عليه السلام، وأمر بذلك فصار أمره واجباً، لو بقي الأمر فقط إلى شيء فعله الرسول عليه السلام يكون سنة مؤكدة؛ لأنه استمر عليها الرسول عليه السلام، فكيف وقد انضم إلى ذلك أمره، انضم إلى ذلك مخالفة الشيطان الذي أَمَرَ بني الإنسان بأن يُغَيِّروا خلق الله، انضم إلى ذلك ثالثاً: بأن نخالف النساء ولا نتشبه بهن، ورابعاً: وأخيراً لا نتشبه بالكفار.