صاحبه ما شاء الله من سنين، يرى الرسول عليه السلام يطابق قولَه فعلُه، وفعله قولُه ثم يأتي هو ويخالف القول والفعل معاً، فهذا أبعد ما يكون عن مثل هذا الصحابي.
يمكن أن يُفْتَرض مثل هذه المخالفة بالنسبة للصحابة من الأعراب -مثلاً- من البدو الذي جاء إلى الرسول عليه السلام وآمن به، وسمع منه بعض النصائح أو بعض المسائل، ثم رجع إلى غنمه إلى إبله إلى باديته، أما ابن عمر الذي صحب الرسول عليه السلام وحَرِصَ ذلك الحرص الغريب الشديد في اتباعه عليه السلام، حتى فيما يرى الآخرون أن هذا ليس من الاتباع في شيء، وإنما حُبُّه أودى به إلى الغلو في اتباع الرسول عليه السلام فيما ليس به سنة، هذا الرجل من الصعب جداً أن نتصور أنه يأتي إلى شيء يرى الرسول عليه السلام يفعله، ويؤكد بذلك قوله:«وأعفوا اللحى» ثم هو لا يعفو، فيخالف ما رآه في الرسول وما سمعه من الرسول.
وفي اعتقادي: لا يشك كل ذي لب وعقل، أن هذا الخطاب الذي يسمعه الصحابي بصورة عامة، وابن عمر بصورة خاصة، مباشرةً من فم الرسول عليه السلام إلى أذنه، سيكون هو أفهم له من أيِّ رجل آخر يأتي في آخر الزمان أو في قديم الزمان، لكنه لم يسمعه من الرسول - صلى الله عليه وسلم - مباشرة.
مداخلة: لكن ابن عمر قَيَّد يا شيخ بالحج أو العمرة فقط؟
الشيخ: نعم أنا قلت لك آنفاً ثبت عنه هذا وذاك، ثم هذه مسألة ممكن يصير بيننا وبينك مثلاً، أنت ترى الأخذ بفعل ابن عمر في الحج والعمرة للسَّبب الذي ذكرته، لكن الشيخ ابن باز وأمثاله لا يُفَرِّقون أنه فعل ابن عمر، فالموضوع ليس الآن موضوع القيد والإطلاق، في الحج والعمرة أو مطلقاً.
الموضوع الآن: أنه سواءً كان الأخذ في الحج والعمرة، أو كان الأخذ في غيرهما أيضاً، فهو في وجهة نظر ابن باز وغيره من أهل العلم، لا فرق في هذا وهذا، كل ذلك يخالف النص في مفهومهم.