أي لا تأخذوا شيئاً، هكذا فهم وهكذا ينبغي نحن أن نفهم أيضاً.
طيب، ترى هذا الفهم فيه شيء من الغموض والخفاء أم هو ظاهر كالشمس في رابعة النهار، لا يمكن أن يتميز عالم على عالم في فهم؟ ليس الأمر كذلك، في أمور فيها دقة في الفهم والاستنباط هنا تختلف الرجال، لكن كون هذا النص عام مين بيقول: لا ليس عاماً من حيث الأسلوب العربي، كل متفق على هذا، هذا إذا سَوَّينا بين أنفسنا وبين أصحاب نبينا، لكن إذا ذكرنا أن أصحاب نبينا أفهم باللغة منا في هذا إشكال؟ في الحقيقة ما فيه إشكال، هذه ميزة أولى نعارض بها هؤلاء المتأخرين، الذين يقولون: لا، نحن نأخذ النص على عمومه، طيب، وابن عمر؟ يعني: فكرك يا فضيلة الشيخ أنك فهمت أن النص عام وابن عمر ما فهم أن النص عام، هذا لا يقوله إنسان.
فإذاً: هم أفهم منا، هذا أولاً، ثانياً: فيه شيء تمَّيزوا علينا، وهو قوله عليه السلام:«الشاهد يرى ما لا يرى الغائب»، والحديث الثاني الذي يقول:«ليس الخبر كالمعاينة»، وهذا الحديث عظيم جداً، لأن الرسول قاله بمناسبة أنه لما ذهب موسى لمناجاة ربه تبارك وتعالى، فعبد قومُه العجلَ كما هو مذكور في القرآن، لما رجع وأخبره أخوه هارون عليهما السلام بالخبر يعني: خبر كان ليس له ذاك الوقع في نفسه، إلا لما رأى اليهود فعلاً يعبدوا العجل، ضرب الألواح التي أُنْزِلت عليه من السماء إلى الأرض، من شدة هول الموقف الذي شاهده، فقال عليه السلام:«ليس الخبر كالمعاينة».
فابن عمر عاش مع الرسول عليه السلام كذا سنين طويلة، وهو يراه بلحيته الجليلة، ويسمعه أيضاً بأذنه السليمة، فيقول الرسول عليه السلام:«حفوا الشارب وأعفو اللحى» ما يعرف أن هذا النص عام أو ليس بعام وهو يرى ويسمع، يسمع الحديث نابعاً من نفس صاحب اللحية الجليلة التي كان لا يأخذ منها أو كان يأخذ منها، فماذا تظنون بابن عمر، هذا فَهْمُه أحسن من فهمنا؟
قلنا: اتفقنا أن فهمه أحسن من فهمنا، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، ثم أن