ناقشت هذا الشاب، فجبت له أدلة واقعية، إنه يا أخي كونك تجهل إمكانية هذا الشيء، خاصةً كمعجزة لسيد البشر عليه الصلاة والسلام، فهذا لا يعني أن هذا غير واقع، فعدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه، قلت له: ما رأيك، هل تعقل أن يكون قلب إنسان على الجهة اليمنى؟ قال: لا، قلت: لكن هذا وقع، بدليل أن كثيراً من الأطباء الذين يُشَرِّحون الجثث قد وجدوا قلب أحد المرضى في العراق قديماً، هذا قبل خمسين سنة في الجهة اليمنى، هل تعقل أن يكون لرجل قلبين يميناً ويساراً؟ قال: لا؛ أيضاً وجدوا.
هل تعقل أن ديكاً يكون حجمه هيك شبر شبرين وذيله أربعة أمتار نازل على الأرض النادر هذا شفنا صورته، فإذاً: من هذا القبيل يمكن أن يكون ربنا عز وجل الذي له خَلْق، حتى لا يقول الكفار هذه هي الطبيعية، فإن الله فعال لما يريد، وكما قال في القرآن الكريم:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[القصص: ٦٨].
فإذاً: مهما طالت لحية الرجل إذا أردنا أن نعمل بعموم النص، يجب أن ندعه كما هو، لكن ماذا كان موقف السلف، وهنا يظهر لكم أهمية منهجنا السلفي حينما نقول: لا يكفي الكتاب والسنة، فلا بد من الرجوع إلى السلف الذي طبق هذه النصوص القولية من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أول ذلك ما بلغك، من رواة حديث:«واعفوا اللحى»، هو عبد الله بن عمر، وقد كان يأخذ ما دون قبضته للحيته، ما زاد منها يقصه، وليس هو انفرد بهذا، بل صح ذلك عن أبي هريرة، وصح ذلك عن جمع من الصحابة دون أن يذكر عن أحد منهم مخالفة، إطلاقاً، ونحن نعهد من بعض الفقهاء، كابن قدامة المقدسي وغيره من العلماء، حينما يأتون بفعل عن صحابي فيه بيان بيقولوا: ولا نعلم له مخالفاً، فهو إجماع، فما بالك إذا كانت المسألة منقولة ليس عن صحابي واحد، بل عن صحابة، ولا يذكر عن أحد منهم خلافها.
ثم شيء آخر -مهم جداً- في هذا الموضوع، الذي لم يعمل بعموم النص، هو أحرص بدون مبالغة، أحرص أصحاب الرسول على اتباع الرسول، هذا من حيث الواقع لا من حيث العلم، هذا الشيء الثاني، وهذه نقطة أبا فارس لازم تنتبه لها.