فإن لم يفعلوا فدليل أنهم لم يفهموا هذا الفهم الذي أنت تفهمه، أظن القاعدة الآن وضحت.
تطبيق المسألة على القاعدة: نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في كثير من الأحاديث:«حفوا الشارب وأعفوا اللحى»، و «خالفوا اليهود والنصارى» كما في بعض الأحاديث، نص مطلق، كما مَثَّلنا -آنفاً- بصلاة الجماعة، و «يد الله على الجماعة»، وكما مثلنا قبل ذلك في آية:{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب: ٥٦]، فلو أردنا أن نقف على هذا النص العام:«أعفوا اللحى»، حينئذ ينبغي أن نقول: مهما طالت لحية الرجل، حتى لو وصلت إلى الأرض يجب تنفيذ هذا النص العام طبعاً، هذه مبالغة.
لكن أيّ شيء نحن ما اعتدنا عليه، لا تتصوروا أنه لا يمكن أن يوجد في الواقع، لأن العلماء يقولون: عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه.
ما سمعتم -مثلاً- بأنه رجل طالت لحيته حتى مسح الأرض بها، ما سمعتم بهذا، وربما ما سمعتم بأن رجلاً طالت لحيته حتى بلغت سُرّته، لكن هذا تحدث عنه الفقهاء، فقالوا بأن الرجل إذا كان عرياناً، وقام إلى الصلاة، ولم يجد ما يستر به عورته، فإذا كانت لحيته طويلة تستر عورته الكبرى الغليظة فيكفي، هذا قالوه، لكن أنا لا أستطيع أن أقول إنه وقع؛ لأنهم أحياناً يغرقون في ضرب الأمثلة الخيالية، عَوَّدونا على ذلك، ولهذا لا بد من مثل هذا الخبر أن يُذكر في التاريخ كحقيقةٍ واقعة، لكني أُقَرّب لكم إمكانية وقوع مثل هذا الشيء بقصة ذكرتها قريباً في مناسبة ما، قرأت في مجلة ورأيت فيها صورة ديك على جدار ارتفاعه أربعة أمتار، وذيله قد مس الأرض، وذكرت أنا هذا المثال لبعض المجادلين من الشباب المسلم، الذي تثقف ثقافة غربية مادية، وتأثر بإنكار المعجزات الإسلامية النبوية، أو -مثلاً- لا يعقل أن الرسول عليه السلام في ليلة واحدة يجاوز طبقات السماء الأولى والثانية، التي لا يعرفها العلم حتى اليوم، ويرجع في نفس الليلة، مش معقول هذا الشيء، فأنا