للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمع بعض الناس حديثًا أو قرؤوه في كتاب قالوا: قال رسول الله، لا شك أنهم بهذا التساهل في الرواية فقد وقعوا في الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه بداهة لا يمكن أن يكون كل حديث قرؤوه أو سمعوه أن يكون ثابتًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الخطأ الذي يروي هؤلاء ويوقعهم في الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أعظم أسبابه تلك القاعدة المزعومة: يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.

فلذلك فقد جاء في هذه القاعدة ثلاثة أقوال للأئمة:

القول الأول وهو الصحيح: لا يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال؛ لأنه لا يجوز رواية الحديث إلا ببيان ضعفه، فكيف يجوز العمل به مع كتمان ضعفه؟ ! لا شك أن رواية الحديث بالنسبة للعمل به يجري مجرى الوسيلة مع الغاية .. يجري مجرى الوضوء مع الصلاة، فما فائدة إنسان يتوضأ ولا يصلي؟ ! لا فائدة من ذلك، لكنه إذا توضأ وجب عليه أن يصلي المفروض على الأقل، كذلك نقول: رواية الحديث مع العمل به يجري مجرى الوسيلة مع الغاية، الوسيلة: رواية الحديث .. الوسيلة: التحديث بالحديث .. الوسيلة: قراءة قرآن، الغاية: العمل بالقرآن، وهكذا، فإذا لا يجوز رواية الحديث الضعيف إلا مع بيان ضعفه، فكيف يجوز العمل به دون بيان ضعفه؟ ! هذه حقيقة لا شك فيها اثنان أوتيا عقلًا ولبًا وفهمًا.

وإذا كان الأمر كذلك فقد يقول قائل: نحن نروي الحديث الضعيف ونبين ضعفه ونعمل به في فضائل الأعمال، جاء هنا أمران اثنان: الأمر الأول: أن فضائل الأعمال لا تثبت بالأحاديث الضعيفة.

الشيء الثاني: مجرد أن يقول العالم وبخاصة على رؤوس المنابر: هذا حديث ضعيف يجوز العمل به في فضائل الأعمال، فوجدت الناس كلهم لا يعملون به وسيكون لسان حالهم كلسان قال غيرهم من أمثالنا، ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه غنية وفيه كفاية كما ذكرنا في المحاضرة بعد صلاة المغرب: أنه ما صح عن النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>